الزيارة تاريخية - أول زيارة لملك سعودي إلى روسيا

العلامات:

0
01-10-2017
حوار مع  د. ماجد التركي

الزيارة تاريخية باعتبارها أول زيارة لملك سعودي إلى روسيا على امتداد تاريخ علاقات البلدين من العام: 1926 ( اعتراف الاتحاد السوفيتي بالمملكة " مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها ـ آنذاك " )، حتى العام 2017م ، حيث يقوم خادم الحرمين الشريفين بزيارة لروسيا " 4 ـ 7 أكتوبر " قرابة/ 90 عام من العلاقات، طبعاً نتذكر زيارة الملك عبدالله رحمه الله " ولي العهد آنذاك " سبتمبر 2004م ، وزيارة الأمير سلطان رحمه الله، نوفمبر/2007م، إلا أن الزيارة الحالية الأولى على هذا المستوى، هذه الزاوية الرئيسية في تاريخيتها، إلى جانب أن الموضوعات المدرجة على جدول البرنامج ، أعطى الزيارة أهمية أخرى، حيث سيتم توقيع ثلاث مذكرات تعاون رئيسية، في سياق توجهات المملكة إلى تنويع شراكاتها الاستراتيجية من جانب، ومن جانب آخر إلى العمل على نقل التقنية وخاصة التصنيع العسكري ، رغبة في تملك المملكة للتقنيات الصناعية، وهذا أحد المحاور الرئيسية في الرؤية الوطنية.



من عوامل النجاح المتوقع للزيارة، قيام الأمير محمد بن سلمان بعدة زيارات لروسيا واللقاء بالرئيس بوتين، حيث تم تمهيد اتجاهات الزيارة المرتقبة وتنقية الأجواء في سياق ملفات الخلاف أو الاختلاف في وجهات النظر بشأن الملفات الإقليمية وخاصة الملف السوري.



ـ لعل التحضير لهذه الزيارة، وما يتوقع من إجراءات لاحقة أن تتجاوز بعلاقات البلدين العوامل السلبية، والتي تتمثل في العديد من العناصر الرئيسية المطلوبة لنجاح وفاعلية العلاقات، ومنها وجود قنوات تواصل مستمرة ومتعددة، تتجاوز حدود السفارات ومهمات السفراء التي تتقيد بالاعتبارات الدبلوماسية والبيروقراطية، ومزاجية السفراء، وسلبيات أدائهم في كثير من الأحيان، لأنه وللأسف الشديد اقع سفارتنا لايرتقي لمستوى تطلعات قيادتنا ولا إلى رؤية الأمير محمد بن سلمان، الرؤية الطموحة والوثابة التي تريد التفاعل والانتاجية ، وهذا شيء مفقود بالكلية في اداء سفارتنا في موسكو وللأسف، نتطلع لتجاوز هذه السلبية بوجود مؤسسات مدنية خارج السياق الدبلوماسي تتحرك بحيوية وحرية تامة، بحيث تتواصل مع الساحة الروسية بكافة أطيافها ، فالساحة الروسية مليئة بالخيارات المناسبة للمملكة والتي تلتقي مع اتجاهاتنا ومصالحنا.



السؤال الثاني : الاتحاد السوفيتي بادر برسالة بتاريخ 19 فبراير 1926 م أعلن فيها اعترافه رسمياً بالمملكة العربية السعودية ولم يمضى على تأسيس المملكة سوى شهر وعشرة أيام ؟كيف ترى ذلك على مر العقود الماضية ،وكم عدد الزيارات لملوك المملكة ومتى بدأت ؟



ـ صحيح موسكو بادرت بالاعتراف بالمملكةـ بل وبادرت برفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، من بعثة دبلوماسية إلى سفارة كاملة الصلاحيات ، وعينت سفيرا فوق العادة  ، مسلم من أصول كزخية " نظير تورياكولوف الي استمر حتى عام 1935 ، وخلفه السفير/ كريم حكيموف بعده تم تجميد العلاقات وإغلاق السفارة في العام / 1938، كان الاعتراف مبادرة قوية دفعت القوى الدولية الأخرى وعلى رأسها بريطانيا إلى الاعتراف بالمملكة،،، كان هذا الاعتراف بمثابة الإرث التاريخي في علاقاتنا مع روسيا، وهي التي تتكيء عليه الدولتان في علاقاتهما المعاصرة،، فعبد العام / 1938 لم تكن هنام اتصالات تذكر عدا زيارة الأمير/ فهد بن فيصل الفرحان، في العام / 1962 م ولم تفض إلى نتائج ملموسة، ولقاء الملك سعود رحمه الله مع السفير السوفيتي في العام  1958م، بعدها كانت علاقات خصام وتصادم في كثير من الملفات ( أفغانستان ـ البوسنة ، وبرامج نشر الشيوعية والاتجاه اليساري في العالم العربي والإسلامي، ودعم الاحزاب الشيوعية السعودية ومساراتها اليسارية والاشتراكية)



وكما أشرت سابقا لم يسبق للك سعودي زيارة موسكو ( السوفيتية ولا الروسية)، فزيارة الملك سلمان هي الأولى ، ونرجو أن تكون الفاعلة والتي تحدث النقلة المنتظرة في علاقات البلدين،،، فلا نزال نتذكر دعوات الأمير سعود الفيصل  رحمه الله إلى ان تكون روسيا حاضرة وفاعلة في الشرق الأوسط لإحداث التوازن الدولي المطلوب.



السؤال الثالث :خطوات المملكة اتجاه روسيا قليلة ومع ذلك ثقيلة وخاصة مع وضوح سياسية المملكة واضحة الاتجاه مع العالم الغربي ،ونستحضر من من ذلك سلبيات موقف روسيا وموقفها الواضح بالوقوف مع خصومنا الإقليمين النظام السوري والنظام الإيراني ومدى تأثيرهم على الداخل الروسي ؟كيف ترى هذه الزيارة في التأثير على تسوية الأوضاع في سوريا وتحجيم الدور الإيراني في التدخل عبر مليشيات ودعم الإرهابين في اليمن وسوريا والعراق ولبنان ؟



ـ لا توجد خطوات حقيقية مستمرة لا على المستوى الرسمي / الدبلوماسي ، ولا على المستوى الشعبي، عدا الزيارات التي قام بها الأمير محمد، والتي خلقت مساحة من التفاهم المشترك بين الجانبين، وظهر ذلك تطبيقيا في الملف النفطي، حيث تم توقيع اتفاقية تعاون لضبط اسعار النفط خلال العام/ 2017 من خلال ضبط مستوى تدفق النفط، والنتيجة ارتفاع سعر النفط بشكل متزن خلال 2017 ومن المتوقع تمديد الاتفاق خلال العام 2018 مما يسهم في استقرار ميزانيات الدولتين عند حدود معقولة تساعد على تنفيذ البرامج التنموية وتغطية الانفاق. غيابنا عن الساحة الروسية، وعدم تواصلنا مع المؤسسات الروسية فتح المجال لخصومنا الإقليمين لدخول روسيا للملفات الإقليمية من خلال مصالحهم، بكل بساطة ممكن نسأل أنفسنا : ( ما هي الدالة التي لدينا تجاه روسيا حتى تتخذ قرارات أو واقف تصب في مصلحتنا .. سواء في سوريا أوغيرها ؟؟؟ ليس لدى روسيا اية مصالح اقتصادية ، حجم التبادل التجاري بيننا مخجل جدا ولن تجد مسؤول سعودي ممكن يتكلم عنه ,,, فروسيا كأي دول تتبع مصالحها ,,, ولو كان بيننا مصالح مشتركة لوجدنا روسيا في الاتجاه الذي نريده ,, ومع ذلك فموقف روسيا من الملف اليمني إيجابي إلى حد كبير / حياد إيجابي,,,



لم نستطيع تحقيق مصالحنا وتحييد خصومنا في المنطقة ونحن نعتمد على علاقات استراتيجية مع أمريكا / التي لها الأولية في كل مشاريعنا وصفقاتنا، مع ذلك مواقفها ليست مجرد سلبية، بل في اتجاه دعم الخصوم ،، لا ننس موقفها من إيران والسماح لإيران بالتمدد جغرافيا بل تسليمها العراق ولبنان،،، الدول تقوم على المصالح المشتركة، وعلى قوة الأوراق التي يمكن تؤثر بها ... لا يوجد في السياسة العلاقات الدولية إلا المصالح  .



السؤال الرابع : حجم التبادل التجاري بين المملكة وروسيا من 235 مليون دولار أمريكي في عام 2005 إلى 926 مليون دولار خلال عام 2015م ؟منها صادرات سعودية إلى روسيا بقيمة 155،3 مليون دولار ،وواردات من روسيا بقيمة قدرها 770،7 مليون دولار ؟ إضافة إلى توقيع ولي العهد اتفاقية شراكة بين صندوق الاستثمارات العامة في المملكة والصندوق الروسي للاستثمارات وذلك خلال زيارته مؤخرا ومباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يونيو وأكتوبر عام 2015 والتي نتج عنها توقيع اتفاقيه بقيمة 10 مليارات دولار ؟ مار أيك سعادة الدكتور في تبادل الحجم التجاري بين البلدين هل كافي أم يكون الطموح أعلى من ذلك في ظل زيادة التقارب السعودي الروسي ؟



ـــ برأيي يجب ألا نظهر هذه الأرقام لأنها محبطة، وتعطي مؤشرات سلبية ، بالنسبة للصندوق الاستثماري المشترك لم تتضح معالمه ولا اتجاهات استثماراته، وأرى هنا أن يتم التركيز اقتصاديا على الآتي:



  1. تأسيس شركة استثمارية مشتركة، بدعم من حكومة البلدين، يكون من أهدافها ( دراسة المشاريع ، المشاركة في التمويل ـ تحقيق الضمانات الحكومية المطلوبة) يتبعها شركات استشارية متعددة المجالات لخدمة قطاع الأعمال في البلدين.

  2. الاستثمار في مجال المصرفية الإسلامية ولاسيما مع وجود أكثر من 25 مليون مسلم روسي .

  3. المشاركة في الصناعات التحويلية وخاصة البتركيماويات




  1. دعم إنشاء الشركات المتوسطة.




السؤال الخامس : بما أنك متخصص في العلاقات العربية الروسية أهمية البعد الديني أحد العناصر الهامة والمؤثرة الغائبة وخاصة أن هناك أكثر من 20 مليون روسي مسلم ؟ كيف ترى ذلك ؟



ــ البعد الديني  كان المحور الرئيس في العلاقات التاريخية مع الاتحاد السوفيتي، وكان البداية للعلاقات المعاصرة، حيث استضاف الملك فهد الحجاج السوفيت في العام 1990 و العام 1991 ، وتقديم مليون مصحف من طباعة المجمع في المدينة المنورة، وتقديم 12 مكتبة علمية متعددة الموضوعات، كل مكتبة حوالي 15 كتاب لات زال موجود في مواقع مهمة في روسيا ومنها النكتبة الوطنية / مكتبة لينين،،،، إلا أن هذا العامل تحول إلى عنصر سلبي في العلاقات في عهد الرئيس/ يلتسين، على اثر الحرب الشيشانية الأولى والثانية، حيث لم نحسن استخدام هذا العامل كرسالة وطنية تتبناها مؤسساتنا الرسمية،  ولاستمرار غيابنا وعدم فعاليتنا اخذ هذا العامل بُعدا جديدا من خلال الحملات التي يتزعمها بعض الصوفية ضد المملكة والتي تحظى برعاية وتمويل من بعض شركاء المملكة، والتي اتخذت من الشيشان منطلقا لها وسوف يظهر لها أثار سلبية عميقة ان لم نتدارك ذلك بشكل حاسم وعاجل.



السؤال السادس : ما هي توقعاتك لنتائج هذه الزيارة التاريخية ؟



ـ تجارب الزيارات السابقة محبطة للجانب الروسي,, وذات تأثير سلبي على تعاطي الساحة الإعلامية والسياسية الروسية، ولكن الممهدات التي قام بها الأمير محمد، والنجاح المشترك في الملف النفطي، والاتفاق المسبق على صفقة/ إس 400 للدفاع الصاروخي، سوف تسهم في نجاح الزيارة,,, ومن المتوقع حسم عدة ملفات في عدة اتجاهات، ومنها:

1.  الاستثمار المشترك، في عدة مشروعات خاصة العسكري.

2. حسم نقاط الخلاف في الملف السوري.

3. اتخاذ موقف روسي أكثر إيجابية في الملف اليمني.

4. التفاهم في تحييد اطماع ايران وتوسعها في المنطقة، واتخاذ ترتيبات مشتركة لمواجهة الارهاب.