الصحوة الإسلامية.. مساجد موسكو لا تكفي روادها

news-ugKTotVrIN

news-ugKTotVrIN

العلامات:

0
01-11-2013
موسكو- عجوز تجاوزت الستين تتعلم اللغة العربية ومبادئ الإسلام في المسجد.. ازدحام المساجد بالمصلين خاصة من فئة الشباب.. تزايد عدد المحجبات في الشوارع..

مشاهد عديدة من واقع حياة العاصمة الروسية موسكو، اعتبرتها شخصيات إسلامية بارزة في روسيا من دلائل الصحوة الإسلامية التي تشهدها العاصمة وغيرها من مناطق روسيا مؤخرا.

وكان الإقبال الكبير على ارتياد مساجد موسكو الأربعة لأداء صلاة عيد الفطر الماضي سببا في تسليط الضوء على أزمة قلة أماكن العبادة الخاصة بالمسلمين مقابل صحوة دينية ملموسة؛ حيث توافد على "المسجد الكبير"، وفق تقديرات وزارة الداخلية، أكثر من 60 ألف مصل، واضطر آلاف المصلين إلى افتراش الساحات والشوارع المحيطة بعد امتلاء المسجد عن آخره.

طالع أيضا:
عمدة موسكو يدعو لـ"جهاد غير مخيف"
وذكرت بعض التقديرات الإعلامية والأمنية الروسية أن المساجد الثلاثة الأخرى في العاصمة شهدت أعدادا من المصلين تقترب من الأعداد التي توافدت على المسجد الكبير.

ما شهدته مساجد موسكو من إقبال دفع عمدة العاصمة الروسية "يوري لوجكوف" إلى الحديث عن ضرورة بناء عدد أكبر من المساجد، قائلا خلال زيارة تفقدية أجراها مؤخرا لعمليات توسعة المسجد الكبير: "عندما نرى أن الناس يتدفقون بهذه الأعداد الهائلة في المناسبات الدينية، فمعناه أننا يجب أن نبني أماكن جديدة للعبادة".

ولا زالت أعداد المساجد الأربعة في موسكو لم تتغير رغم مرور عشرات السنين من انتهاء الحكم الشيوعي، في الوقت الذي تضاعف فيه رواد المساجد، مقارنة بما كان عليه الحال في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، بحسب تقديرات متابعين للشأن الإسلامي في روسيا.

وقد عانى مسلمو روسيا -وفقا لهؤلاء المتابعين- من الاضطهاد الديني إبان الحكم الشيوعي لهذا البلد الذي طال لأكثر من سبعين عاما؛ مما أدى إلى خلو المساجد تقريبا من المصلين، وكان قادة الحكم الشيوعي يستخدمون المساجد أثناء زيارة رؤساء الدول الإسلامية في الدعاية بأنهم ليسوا ضد الأديان وأن المسلمين يتمتعون بالحرية الدينية كغيرهم.

ونجح المسلمون في استرداد ما يعرف باسم "المسجد التاريخي" بُعَيْد انهيار الحكم الشيوعي، وهو أول مسجد بني في موسكو عام 1823 لكن هذا المسجد حوله الشيوعيون إلى مخزن للبضائع ولم يسترد روحه القديمة إلا في بداية التسعينيات من القرن العشرين.

انتشار الحجاب بالشوارع

ازدحام المساجد بالمصلين صاحبه انتشار الحجاب بين الفتيات المسلمات الذي أصبح أيضا ظاهرة واضحة في شوارع العاصمة الروسية بعد أن اختفى من حياة كثير من المسلمات أيام الحكم الشيوعي.

تقول "فاطمة عبد الحي وفنا" التي لفتت هذه الظاهرة نظرها: "لم أكن أتصور في الماضي أنه بالإمكان لبس الحجاب، لكن ذلك حصل، كان الأمر جد صعب، ولم يكن هناك ما يشجعنا، لكن اليوم الأمر اختلف".

وتضيف فاطمة، وهي واحدة من أوائل من التزمن بالحجاب في موسكو، لـ "إسلام أون لاين.نت": "لقد اختلف الوضع بالفعل؛ حيث بتنا نرى امرأتين أو ثلاث وهن يمشين سويا متحجبات، في زحمة الشوارع الممتلئة بالمارين".

وفضلا عن مظاهر التدين السابقة، يشير مراقبون لشئون مسلمي روسيا إلى انتشار ممارسة الشعائر الإسلامية وتعلم مبادئ الدين لدى مختلف فئات المجتمع لاسيما الشباب والموظفين والتجار ورجال الأعمال؛ حيث تنتشر حلق تعليم اللغة العربية والقرآن في مساجد موسكو.

ومن المشاهد التي لفتت نظر مراسل "إسلام أون لاين.نت" في هذه الحلق امرأة عجوز تجلس بجوار حفيدها في حلقة واحدة يتعلمان ويرددان مخارج الحروف العربية.

وتعلق فاطمة على هذا المشهد، معتبرة أنه "محاولة لتدارك ما فات تداركه" وتقول: "لقد حرمنا سنوات طويلة من معرفة ديننا، ولذلك كانت عمتي وهي في عمر 65 تذهب للمسجد كل يوم لتتعلم الحروف العربية لتقرأ القرآن". وتضيف: "هذا الحرمان جعلها تصر على التعلم وتعلمت اليوم قراءة القرآن وحفظت الكثير من الأدعية".

"صحوة فاقت الحدود"

الصحوة الإسلامية التي تشهدها موسكو تؤكدها شخصيات إسلامية بارزة في روسيا في تصريحات خاصة لـ "إسلام أون لاين.نت"؛ حيث يقول الشيخ "محمد قاراتشاي"، رئيس جمعية دار الأرقم الدينية ونائب مفتي المنطقة الأوروبية من روسيا: "تعيش العاصمة موسكو هذه الأيام صحوة إسلامية كبيرة ورائعة فاقت كل الحدود والتوقعات".

ويضيف أن "السبب الأساسي وراء هذه الصحوة هو ذلك الشعور بالانتماء العميق للدين الإسلامي الذي لم تستطع سنوات الشيوعية طمسه".

من جهته، يقول محمد هني رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في روسيا: إن "هذه الصحوة تأتي بعد أن ظن الشيوعيون أنهم قضوا على الإسلام من قلوب الملايين من المسلمين"، ويضيف موضحا: "لقد عمل الشيوعيون طويلا للقضاء على المظاهر الإسلامية بين الشعوب المسلمة وطمس هويتها الدينية، لكن ما نراه اليوم يثبت غير ذلك".

ويقول مراقبون إن الصحوة الإسلامية التي شهدتها موسكو خلال السنوات الأخيرة لا تقتصر على العاصمة فقط، وإنما أصبحت أيضا سمة غالبية المناطق الروسية، مشيرين على سبيل المثال إلى أن مدينة صغيرة مثل "ساراتوف" التي تقع جنوب شرق المنطقة الأوروبية من روسيا جمعت -ولأول مرة- نحو 100 ألف شخص، قدموا للاحتفال بالعيد في الحديقة العمومية للمدينة.

ويقدر تعداد مسلمي روسيا بنحو 16 مليون مسلم من أصل 145 مليون نسمة يشكلون عدد سكان الدولة المترامية الأطراف، بحسب تقرير أعده منتدى "بيو" الأمريكي للدين والحياة العامة، ونشرته وسائل إعلام أمريكية الشهر الجاري.