العراق وروسيا: عهد جديد من العلاقات

news-owg0akBMlY

news-owg0akBMlY

العلامات:

0
01-11-2013
زيارات المسؤولين العراقيين المتكررة إلى العاصمة الروسية، وآخرها زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي في نيسان/أبريل الماضي، على الرغم من عدم زيارة أي مسؤول روسي رفيع للعراق حتى الآن، تعكس رغبة عراقية في إعادة مد جسور العلاقات بين البلدين، والتي بدأت تتنفس وتتحرك قليلاً بهذا الاتجاه، وأحياء ذلك التعاون الاقتصادي والسياسي بينهما، بعد وهن ساعد الاحتلال الأمريكي.

ورغم أهمية العلاقات الروسية التاريخية مع العراق وتطورها الإيجابي، إلا أنها تتأثر بعاملي رد الفعل العراقي من جهة، والضغط الخارجي من الجهة الأخرى. فالمصالح الاقتصادية الروسية من الناحية العملية تخضع للمساومة، لاسيما في العقود المؤجلة التي تبرمها الشركات الروسية مع العراق، كعمل تجاري مستقبلي، لكن في الواقع الحال لا تحصل الحكومة الروسية على ريع كبير من تعامل الشركات الروسية مع العراق، لأن هذه الشركات كارتيلات دولية لها تعاملاتها الخارجية، وتعمل دون حدود أو ضوابط لتقدير نسبة الدولة على المشاركة في الشركات النفطية الكبيرة، كشركة" لوك أويل" وغيرها. ويذكر أحد البرلمانيين الروس أنه لم يدخل الميزانية الروسية سوى 400 مليون دولار في العام 2002، من مجموع 15 مليار دولار حصلت عليها الشركات الروسية من بيع وشراء النفط العراقي.

أما في الجهة المقابلة فقد كان الموقف العراقي سواء في الفترة الماضية، أو حتى في الوضع الحالي، يخضع للتأثيرات السياسية الخارجية التي تتعرض لها بغداد. فمثلا أدت القرارات الدولية والضغط الدولي في حينه إلى اتخاذ القيادة العراقية آنذاك قراراً بإلغاء اتفاق مشروع استثمار حقل النفط في غرب القرنة (2)، لأنها كانت تسعى أصلاً من هذا الاتفاق إلى كسر الحصار والعزلة التي فرضتها الأسرة الدولية, إلا أن الشركة الروسية تباطأت في البدء بتنفيذ العقد, في حين ترى الحكومة الحالية أنها ليست مسؤولة عن إلغاء العقد، وبالتالي فإن على الشركة الروسية خوض غمار المنافسة على العقد، دون أي امتيازات كالتي كانت تحصل عليها في الفترات السابقة.

كما دفعت روسيا ضريبة الموقف المعارض للحرب على العراق التي قادتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، بعد تحجيم التعاون مع جميع الدول التي كان لها موقفاً مماثلاً لموقف موسكو، وظهور محاولات بذلتها قوات الاحتلال لإبعاد العراق عن أي شريك ينافسها سياسياً واقتصادياً والاستحواذ على مشاريعه، والتأثير على قيادته، وبذلك تكبدت الشركات الروسية خسائر كبيرة، تمثلت بانخفاض التبادل السلعي بين البلدين في العام 2003 حتى 252 مليون دولار، وهو ما يقل عن 8 أضعاف عما كان عليه في العام 1989، حين زاد هذا المؤشر آنذاك عن 2 مليار دولار, إلا أن العراق رغم ذلك ظل يتطلع للصداقة العريقة مع روسيا، باعتبارها وريثة ذلك التراث السياسي والاقتصادي الذي أسسه الإتحاد السوفييتي الصديق للعراق، رغم الفارق بين ما كان وما هو قائم الآن.

ورأى الكثيرون من الروس أن تعرض المواطنون الروس للاعتداءات في العراق، بمثابة محاولات لأبعاد روسيا عن العراق، كالهجوم المسلح على قافلة تابعة للسفارة الروسية في أبريل/نيسان من العام 2003، واختطاف ثمانية موظفين في شركة "انتر انيرغوسيرفيس" الروسية في أبريل/نيسان من العام 2004، ومقتل موظف في الشركة نفسها، وهجوم مسلحين على حافلة كانت تقل خبراء شركة "انتر انيرغوسيرفيس" في مايو/آذار من العام 2005، (أسفر عن مقتل 3 مواطنين روس)، وهجوم مسلح على سيارة تابعة لسفارة روسيا الاتحادية في يونيو/حزيران من العام 2006، (أسفر عن مقتل موظف واحد واختطاف 4 آخرين تم إعدامهم فيما بعد).

وإن نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في إبعاد روسيا عن العراق بعض الوقت، إلا أن زيارة المالكي إلى موسكو، وتعهد الحكومة العراقية بضمان الأمن لحث الشركات الروسية على العودة، وإكمال تنفيذ مشاريعها، والحصول على مشاريع جديدة, جددت الآمال المشتركة بعودة الروس إلى الأسواق العراقية، خصوصاً في مجال الطاقة الكهربائية، والعتاد العسكري الروسي الذي مازال الجيش العراقي يعتمد عليه في تسلحه.