المملكة العربية السعودية تعتمد وسطية الاسلام منهاجا

العلامات:

0
18-12-2018


اختتمت أعمال المؤتمر الإسلامي العالمي للوحدة الإسلامية "مخاطر التصنيف والإقصاء"، في مكة المكرمة، حيث كرس المؤتمر لوحدة المسلمين والتغلب على الطائفية التي أدت إلى الانشقاق والتطرف. وقد تم تنظيم المؤتمر من قبل واحدة من أكبر المنظمات الإسلامية وأكثرها ممصداقية وهي رابطة العالم الإسلامي.

في نهاية المؤتمر تبنى العلماء وقادة الرأي والفكر في العالم الإسلامي، بمن فيهم مفتي المملكة العربية السعودية ، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ، البيان الختامي الذي  أكد على مجموعة من القضايا من بينها الحاجة إلى التبشير بوسطية الاسلام ، وتطوير الحوار بين الأديان واستخدام إمكانات المنظمات الإسلامية في الكفاح ضد تطرف الشباب.

وعلى هامش المنتدى كان لوكالة روسية إسلام نيوز( IslamNews) حوار مع معالي الأمين العام لرابطة العالم الاسلامي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى.

 

 1- سعادة الدكتور العيسى المحترم، في البيان الختامي الذي صادق عليه المؤتمرون في الجلسة الختامية للمؤتمر "مخاطر التصنيف والإقصاء" والذي عُقد في مكة المكرمة، ورد ذكر كلمة "الوسطية" مرارا وتكرارا. علاوة على ذلك، ففي افتتاح المؤتمر قرأ مقدم المؤتمر وبحماس قصيدة حول مزايا الوسطية، فماهي الوسطية بفهم معالي  أمين عام رابطة العالم الإسلامي؟

- الوسطية في الإسلام هي الموقف الوسط بين الأعمال المتطرفة. وقد أشار القرآن إلى الوسطية ومفهومها. فكل من ابتعد عن الوسط إلى اليمين أو اليسار فقد  أصبح متطرفًا، وإرهابيا. الوسطية هي القيم الأخلاقية العالية والعدالة والسلام والوئام والرحمة. كما أنها تمثل الحوار ، واحترام الآراء وثقافة الآخرين. ومن هنا الاعتراف بالحق في وجود ثقافات مختلفة تتعايش بسلام، حتى مع وجود الاختلافات. بالإضافة إلى ذلك ، فهي فهم الإنسان لحكمة الخالق التي هي متأصلة في تنوع الجنس البشري.

الوسطية هي المرونة والاسلوب الحسن والخفة ، والبعد عن الجمود الفكري في القضايا الدينية والسياسية ، وكذلك في ردة الفعل على تصرفات الآخرين. الوسطية هي الحكمة، فليس من الممكن أن نصف رجلا بالحكيم وهو يندفع من طرف إلى آخر. لدى الوسطية في الإسلام معاني كثيرة. وباختصار فكل ما يؤدي إلى الخير العام وتحقيق السعادة للانسان، ويسهم في التقارب بين القلوب والأفكار فهذا هو معنى الوسطية. وكل معنى من معاني الوسطية هو موضوع لكتاب منفصل.

 

2-إن فكرة الوسطية مألوفة لدى الروس من نواحٍ عديدة بفضل المركز العلمي الأول من نوعه"مركز الوسطية" في الكويت ونظيره الروسي الذي يعمل في موسكو. هل يمكننا أن نقول أن الوسطية كمفهوم ، أصبحت أكثر تطورا وعالمية؟

- نحن نعلق أهمية كبيرة على العلاقة بين الوسطية وعدد من المفاهيم مثل الوطنية، وتطوير أسس المجتمع المدني ، وتعزيز أسس الدولة القومية في سياق العولمة الشاملة ، والتكامل الثقافي. يمكننا القول أن هذا هو الشيء الجديد.

يواجه العالم اليوم مشاكل خطيرة تتعلق بالاندماج والتكامل. سأذكر فقط اثنين منها: الأول يتعلق بالسلطة، فمن ناحية هناك رغبة مفرطة لتحقيق مكاسب سياسية ، على سبيل المثال ، من خلال المضاربة على مفهوم القومية. ومن ناحية أخرى، عدم النضج السياسي أو عدم كفاءة ممثلي مختلف فروع السلطة التي تقف عائقا أمام فهم الأهمية الاجتماعية للاندماج والتكامل. فهنا وبالإضافة إلى تطوير الأفكار نحتاج إلى برامج حكومية مدروسة بعناية لتنفيذها العملي. وفي هذا الصدد يمكن لروسيا أن تلعب دوراً هاماً. إننا نقدر تقديراً عالياً نجاح بلدكم بقيادة الرئيس بوتين في اندماج المسلمين في المجتمع الروسي الذي لا يعوقهم في الحفاظ على هويتهم. نعرف أيضًا موقفه الداعم للدين ، بما في ذلك الإسلام. وهذا يشير بوضوح إلى حكمته وبصيرته السياسية. المشكلة الثانية تتعلق بالوعي الجماهيري، وهذا الأمر متعلق بالأغلبية والأقليات القومية والدينية على حد سواء. إنه ينطوي على فهم المجتمع ككل لحقيقة أن المصالح السياسية أو المالية المحرومة من العدالة والأخلاق، ستؤدي في النهاية إلى انتهاك الحقوق والحريات. لذلك ، لا تقل القيم الروحية أهمية لتحقيق أمن البلد عن الإمكانات العسكرية أو الاقتصادية.

 

3- في وقت ما ، تحدثت وسائل الإعلام عن الاتفاق بين رابطة العالم الإسلامي والفاتيكان. هل يمكن أن تخبرنا المزيد عنها؟.

** نحن نعمل بنشاط على تطوير العلاقات مع الكنيسة الكاثوليكية. لقد وقعنا على اتفاق ينطوي على التعاون في تحقيق الأهداف المشتركة، خاصة فيما يتعلق بتطوير الحوار ، وزيادة مستوى التفاهم المتبادل بين المسلمين والكاثوليك. لقد أبرمت المعاهدة مع المجلس البابوي للحوار، حيث وقع رئيس المجلس فى دولة الفاتيكان نيافة الكاردينال جان لويس توران، وهو الرجل الثاني بعد شخصية البابا في الفاتيكان. وكان هو الذي أعلن عن انتصار البابا فرانسيس في انتخابات البابوية ووضع عليه الرموز البابوية، الشوتان والوشاح ، إلخ. إن الاتفاق بين رابطة العالم الإسلامي والفاتيكان هو مؤشر على أن موضوع الحوار الديني اليوم ذو أهمية بالغة، لأن تطوره يساهم في السلام والاستقرار في الدول كل على حدة وكذلك في العالم أجمع. أنا مقتنع بأن روسيا ، كدولة أرثوذكسية ذات عدد كبير من المسلمين يجب أن تلعب دورًا رئيسيًا في الحوار بين الأديان ، والذي سيعزز التفاهم المتبادل ويسحب البساط من تحت أقدام المتطرفين.

 

4- ما تقوله عن الوسطية والحوار والاندماج والتكامل وغيرها من المفاهيم له أهمية خاصة ، لأن الإرهابيين الذين ارتكبوا جرائم في القوقاز يدعون أنفسهم سلفيين، وهذا بدوره يلقي بظلاله على السعودية.

** غياب الحوار المفتوح يؤدي إلى مثل هذه المغالطات. في الواقع  المملكة العربية السعودية ليس فقط لا تدعم المتطرفين الذين يطلقون على أنفسهم اسماء مختلفة وهم متورطون في الإرهاب في الشيشان ، ولكنها تعلن معارضتها لهم بشدة. ووفقاً لقوانيننا فلا يحق لأي سعودي المشاركة في الأعمال العسكرية العدائية في دول أخرى أو دعمها بأي شكل من الأشكال. ومثل هذا القرار لا يمكن أن يُتخذ إلا من قبل جلالة ملك المملكة العربية السعودية. والآن لدى مفتي الشيشان الشيخ صلاح ميجييف قناعة راسخة بأن مفتي المملكة العربية السعودية لا يستطيع أن يمنح البركة للمشاركة في الأعمال العسكرية العدائية في الجمهورية. هذا مستحيل حدوثه من الأصل. هذه القناعة ساهمت في إيجاد حوار بناء بيننا.

5- ما هو-في رأيكم-الهدف الرئيسي لمؤتمر مكة؟

** الهدف الأساسي الذي وضعناه لأنفسنا هو تحقيق الانسجام بين المسلمين وتصميمهم مع ممثلي الدول والأديان الأخرى على التغلب على الظواهر السلبية المرتبطة بالتطرف. وقد حضر هذا المؤتمرممثلون عن 28 من الاتجاهات الإسلامية، و200 من علماء المسلمين المعروفين والمفكرين من 127 دولة في العالم. وقد وصل وفد كبير من روسيا. وإذا لاحظتم فلم يكن هناك أية مشاكل في التعامل بين المشاركين، لقد لاحظ الجميع الأجواء التوافقية والرحبة السائدة في المؤتمر.

لقد قام المشاركون بأداء العمرة، وتمكن 20 من أهم الضيوف، من بينهم مفتي الشيشان الشيخ صلاح ميجييف أن يدخلوا داخل الكعبة. الآن نحن نعمل لعقد مؤتمر مع الجانب الروسي، وآمل أن يكون أكثر تمثيلاً من ناحية علماء الدين وأن يكون أكثر فعالية في حل المشاكل الملحة في عصرنا.

                 انتهى نص الحوار ...