قرارات أوباما عمل تجميلي لا يغير من جوهر الأمر

news-j6cTjl2Hzd

news-j6cTjl2Hzd

العلامات:

0
01-11-2013
يرسم عدد كبير من الخبراء والمحللين السياسيين في تعليقاتهم وتحليلاتهم صورة إيجابية لسياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما، ويذهب البعض إلى حد الإشارة إلى خطوات تدل على رغبة أوباما التأسيس لعالم جديد، "لو" قام بتنفيذها. المحاور الرئيسية التي يصرّ هؤلاء على بناء قراءتهم الإيجابية لسياسية أوباما عليها هي انفتاحه على الحوار مع دول رفض بوش الحديث معها، وإعلانه تمسّك إدارته بتسوية النزاع في الشرق الأوسط، ودعوته لبناء عالم خال من السلاح النووي وإدخاله تعديلات على مشروع الدرع الصاروخية.

إن انفتاح أوباما على عواصم صُنّفت ضمن دول (محور الشر)، حقيقة لا يمكن تجاهل الأجواء الإيجابية التي أتت بها على المنطقة إلا أنه لا يمكن النظر إلى هذه الخطوة وكأنها عمل طوعي أقدمت عليه إدارة أوباما، فهي جزء من سياسة تحسين سمعة الولايات المتحدة كشرط للحفاظ على هيبتها، وهناك أهداف أخرى لهذا الانفتاح والتقارب؛ فالولايات المتحدة تريد للدول التي بدأت الحوار معها إمّا أن تنجرّ إلى تحالفات معينة "مطيعة لأميركا" أو بعيداً عن تحالفات يضر بقاؤها المصالح الأميركية، كما تريد أدارة أوباما من سياسة الانفتاح إغلاق ملفات التوتر في المنطقة لتزيحها عن كاهلها إذ لديها ما يكفيها من أعباء.

أمّا بشأن التسوية في الشرق الأوسط وإقامة دولة فلسطينية؛ فإذا كانت لدى أوباما نية صادقة لصنع سلام حقيقي عليه أن يستخدم نفوذ واشنطن لإجبار إسرائيل على إعادة النظر في سياساتها التوسعية، وهذه هي أقصر طريق لفرض التسوية على إسرائيل، لكن يبدو أن أوباما لا يملك القرار بهذا الشأن أو إن فعله يتناقض مع أقواله، فعوضاً عن الضغط بهذا المنحى ما زالت الولايات المتحدة تقدّم كل أشكال الدعم لإسرائيل.

أما "العالم الخالي من السلاح النووي" فهو ليس أكثر من كلام دعائي. أوباما لن يدمر الترسانة النووية الأميركية ـ وكذلك الأمر بالنسبة إلى روسيا ـ لأن استراتيجيات الدول الكبرى تقوم على امتلاكها لسلاح يهدد ويردع أي قوة تتعدى على مصالح هذه الدول، هذا هو دور السلاح النووي اليوم إضافة إلى كونه أداة تضمن لمن يمتلكه الحفاظ على موقع "الدولة العظمى أو الكبرى".

أخيراً الدرع الصاروخية التي كاد إعلان أوباما عن قراره عدم نشرها في بولونيا وتشيك يتسبب باحتفالات في بعض العواصم العالمية؛ فإن قرار الرئيس الأميركي هذا لا يغير من واقع الأمر لأن المشكلة الحقيقية تكمن في انسحاب الولايات المتحدة أحادي الجانب من اتفاقية عام 1972 للحد من الأنظمة الدفاعية المضادة للصواريخ، وقبل عودة واشنطن إلى هذه الاتفاقية أو اتفاقية مثيلة بديلة عنها سيكون أي حديث عن التأسيس لعالم جديد في غير محله، وبناءً على ما سبق تبدو كل قرارات أوباما مجرد عمل تجميلي أضعف من أن يغير جوهر الأمر.