مسلمو روسيا.. بين المواطنة والإسلاموفوبيا

news-VBoqMN4YOR

news-VBoqMN4YOR

العلامات:

0
05-11-2013
مسلمو روسيا.. بين المواطنة والإسلاموفوبيا
موسكو: د.أحمد عبدالله
يعجب المتابع للشأن الروسي لما يرى من تناقضات غريبة في تصرف السلطة التنفيذية، وقد تساندها السلطة التشريعية في بعض الأحيان، في تعاملها مع الملف الديني بصفة عامة والمسلمين بصفة خاصة. آخر هذه التقارير كان في القناة الوطنية الثانية في برنامج «فيستي نيدليا» (أخبار الأسبوع)، وتقارير مشابهة في قنوات أخرى وفي نفس الأسبوع، حيث سعى الصحفيون من خلال تقاريرهم إلى إظهار المسلمين النازحين من جمهوريات شمال القوقاز، وما يرافقه ذلك من مشكلات طبيعية تقع في مثل تلك الحالات، على أنها مشكلة «توسع إسلامي متطرف» في مناطق ذات أغلبية روسية مسيحية، مع أن الإحصاءات الرسمية تقول: إن 7% من سكان منطقة «ستافروبول» تركوا مواطنهم لعدم وجود موارد رزق لهم، ونزحوا دون ضغط من أحد إلى مناطق روسية أخرى بحثاً عن لقمة العيش. مشهد آخر هذا المشهد يتعلق بتحركات السلطات الأمنية في جمعية «دار الأرقم»، والبحث فيها عن «إرهابيين» بين صفوف المصلين في يوم الجمعة 17/5/2013م، واحتجاز 140 شخصاً أفرج عنهم جميعاً ولم يجدوا بينهم إرهابياً واحداً، بالرغم من الحملة الإعلامية الواسعة التي رافقت العملية في كل القنوات التلفزيونية، والتأكيد على أن «دار الأرقم» هي «مأوى لمتطرفين وموقع لتجهيز الخارجين عن القانون، المشاركين في العمليات العسكرية مع المسلحين في الشيشان والداغستان». والسؤال المطروح: إلى أين يمكن أن تصل مثل هذه التحركات في المستقبل القريب؟ وما الدوافع الحقيقية وراءها؟ أمر يعتقد السيد «أنجار كوتوف»، خبير المعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية، بأنه متعلق بالقلق الروسي الداخلي من ناحية، والأحداث العالمية (كعملية بوسطن) التي ساهمت في رفع درجة حرارتها، وعلى الرغم من أنه لا وجود في الظاهر لأي علاقة بينها، فإن الجهات الأمنية – كما هو معروف عنها – تحاول استباق الأحداث، إذ إنها تسعى للحصول على تقدُّم ما، ولكنها تتصرف بطريقة غير محسوبة، في حين كان يمكن على الأقل أن تدرس العواقب قبل القيام بأي تحرك. مخاوف من الإسلام في حين يرى رئيس المجلس الإسلامي الروسي السيد «محمد صلاح الدين»، أن القضية تتعلق بالخوف المتزايد من ارتفاع عدد المسلمين، وظاهرة الالتزام الديني الواضحة للعيان في كل أنحاء روسيا، حيث يوجد لدى السلطة الاتحادية والإقليمية مخاوف من العامل الإسلامي الذي يتزايد في روسيا بسرعة كبيرة، والذي هو في المقام الأول نتيجة للنمو السكاني للمسلمين، الذي يرجع أساساً إلى جمهوريات القوقاز، فضلاً عن المهاجرين القادمين من الجمهوريات الإسلامية من دول الاتحاد السوفييتي السابق، ووسائل الإعلام، التي تشهد حضوراً ضعيفاً للمسلمين فيها، تقوم بنشر الإسلاموفوبيا لتحقيق أهداف في غالبها ليست أهدافاً وطنية، ولا تخدم المصلحة العامة. كل هذا يدعونا إلى التساؤل عن الأسباب الحقيقية وراء هذه المشاهد في التعامل مع المشهد الإسلامي في روسيا.. ومن يقف وراء اللعب بالنار بملفات ذات حساسية شديدة في مجتمع متعدد العرقيات والثقافات، خاصة أن السلطة تسعى جادة إلى حجب كل مسببات «الاستفزاز» داخل المجتمع باتخاذ مجموعة من القوانين الرادعة، كان آخرها قانون «الحفاظ على المشاعر الدينية للمواطنين»، لذلك لا نعجب عندما نرى نوعاً من التناقض بين التصريحات الرسمية وبين الفعل على أرض الواقع، فقد صدر في 25 مايو بياناً عن الخارجية الروسية رداً على نتائج التقرير الصادر عن الولايات المتحدة، والذي أشار إلى «وجود قيود ملموسة على الحريات الدينية في روسيا، وخاصة فيما يتعلق بانتهاك الحقوق والحريات الدينية للمسلمين؛ مثل رفض تسجيل المنظمات الدينية، ومنع الوصول إلى أماكن العبادة للصلاة، ورفض منح التأشيرات لممثلي المنظمات الدينية الأجنبية، وإجراء هجمات على مقار المنظمات الدينية». التغطية على الفساد ولعل المحلل السياسي المعروف «نيكولاي جوكوف» يرفع الستار عمن يقف وراء هذه الحملة «الإسلاموفوبيا» في الإعلام الروسي تجاه كل ما هو إسلامي، حيث أشار بقوله: «نحن نشهد فضيحة كبرى لمخالفات مالية في المدينة العلمية «سكولكوفو»؛ تسببت في استقالة «سوركوف»، نائب رئيس الوزراء.. موضوع أثار حفيظة الشعب، ولذلك ليس مستبعداً أن تقف وراء إثارة موضوع «الإسلاموفوبيا» و«القوقازفوبيا»، مجموعة من المتنفذين في السلطة وصناع القرار في مجال المال والأعمال، من أجل تحويل بوصلة الرأي العام عن قضية الفساد المالي. ويضيف «جوكوف»: نحن نتكلم عن هجوم إعلامي مخطط له مسبقاً، اختير فيه الوقت والمواضيع بدقة تامة؛ بحيث تصل إلى المشاهد على أنها قضية وطنية وليست فقط إسلامية.