أمل الروسية حيث يولد الأمل

العلامات:

0
27-06-2017
بقلم / أحمد بن صالح الرماح ( منقول بتصرف بسيط )

تجولت في الديار الروسية قبل أيام لأشارك المسلمين شهر رمضان المبارك والذي كان بحق "رمضان العمر" لما رأيته من شهامة وكرم ودين وتقوى وقصص آسرة وأخاذة في هذه الأصقاع المجهولة.

ومما شدَّني كثيراً هو أن كل يوم تُعرض علي قصص كأنها من وحي الخيال! إليكم هذه القصة الملهمة عن فتاة روسية أسمها ناديجدا "وتعني باللغة الروسية الأمل" يرويها لي زوجها وسام:

ناديجدا كانت مهندسة ناجحة وماهرة في أكبر مصانع تصنيع الأوراق بروسيا حيث يتم إنتاج نصف الأوراق التي تطبع عليها الجرائد والكتب في الأصقاع الروسية المترامية الأطراف، الا وهو مصنع كوندوبوغا لصناعة الأوراق.

وكانت متزوجة وعندها بنتان، والى جانب حصولها على شهادتين وبتخصص المحاسبة والهندسة، فهي كانت جميلة وشاركت في مسابقات ملكات الجمال وحصلت عدة مرات على المرتبة الاولى.

هي روسية من ناحية الاب ولكن يوجد دماء كاريلية فنلندية من ناحية الام. عاشت طفولة بائسة بسبب ادمان أبيها على الخمر وعدوانيته تجاهها مما تسبب في طلاق والديها وبقائها مع أمها وأخيها يكافحون لتوفير مستوى متدني من الحياة ولكنها نجحت في ان تبني نفسها ووفرت لنفسها حياة كريمة بعيدة عن بؤس وحرمان الطفولة.

ولكنها ومنذ الطفولة كانت تميل الى التدين وقد دخلت فرقة شهود يهوه ( فرقة من فرق النصارى ) لسنين عدة كانت فيها احد المبشرات الناشطات عندهم ولكنها اصيبت بالاحباط بسبب التناقضات الكثيرة التي كانت تكتشفها يوما بعد يوم.

وقد حاولت ان تلتحق بالكنيسة الارثوذكسية الروسية ولكنها لم تستطع يوما ما ان تجبر نفسها للركوع امام الأيقونات وتقبيلها وكل هذا سبب لها أزمة نفسية كبيرة فاقم منها ادمان زوجها على الخمر وبدأت تفكر بالانتحار لفقد اي معنى للحياة بالنسبة لها ولكن شيء ما كان يمنعها رغم انها كانت فعلا مقدمة على الانتحار.

وفِي احد الأيام وفيما هي جالسة في البار رأت مسلمة محجبة تسير في الشارع فتذكرت ان هؤلاء المسلمين لا يشربون الخمر أبدا وفكرت ما الذي أقنعهم بهذه الطريقة ليكونوا ممتنعين تماما عن معاقرتها واعتقدت ان الإجابة ربما ستكون في كتابهم المقدس. لذلك هرولت الى اقرب محل لبيع الكتب واشترت نسخة لترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الروسية وأخذته معها للعمل وفِي استراحة الغداء فتحته لأول مرة وقرأت فاتحة الكتاب وقالت بصوت عال سمعه كل زملائها في المقصف : يا الهي ! لم اسمع قط اجمل من هذا الكلام في حياتي..

وهنا كانت بداية الطريق! طريق ملهم وآسر لناديجدا للتعرف على الاسلام فلم تكن تظن في البداية انها ستصبح مسلمة فهي فقط كانت معجبة بهذا الدين ولكن كلما كانت تقرأ وتدرس كانت تقترب للإسلام حتى جاء موعد الرحلة السياحية الصيفية والتي كانت الى مصر مع بناتها ولكن زوجها لم يذهب معها لظروف عمله.

وفكرت عندها انها يجب أن تسلم الان وقبل السفر فقد كانت تخاف من فكرة انه ربما تموت قبل ان تصبح مسلمة!

وباستعجال وجدت مسجدا في المدينة واعلنت إسلامها بحضور الامام وسافرت فورا الى مصر وهنالك سخر الله لها بعض العاملين في الفندق الذين قدموا لها كتيبات باللغة الروسية عن الاسلام وأهدوها ملابس إسلامية وادخلوها المساجد وكانت الدموع لا تفارق عيونها من فرحتها بأنها وجدت اخيراً معنى لحياتها!

ولدى عودتها لروسيا، واجهت عداءا وضررا كبيرا من زوجها والذي كان من قبل جنديا محارباً في الشيشان وعنده كره وحقد شديد على المسلمين! وكذلك واجهت عواصف عاتية من أمها التي كانت في صف زوجها حيث حبسوها في البيت وكتبوا شكاوى للشرطة ان ناديجدا وقعت تحت تأثير المسلمين!

ولكنها اختارت دينها وصمدت وافترقت عن زوجها وأخذت على عاتقها تربية ورعاية بنتيها لوحدها!

اما أمها فقد فهمت بعد شهور ان ناديجدا كانت جادة في إسلامها وان هذا قرارها فغيرت من موقفها واعتذرت منها ووقفت الى جانبها
وهكذا أصبحت اول امرأة تعتنق الاسلام في مدينتها الصغيرة!

لم تتوقف ناديجدا عند هذا الحد بل أصبحت من الناشطات في الدعوة والمسلمون ينادونها " أمل".

ويختم صاحبي وسام بالقول "وانا سعيد انها الان زوجتي ورفيقة دربي"!

يا ألهي! كم هذا الدين عظيم! وكم من ناديجدا وبوريس ويوري وفلاديمير لم نبذل الجهد لإيصال رسالة الإسلام لهم؟ رسالة الحب والسلام والوئام وعمارة الأرض!

رباه سامحنا على تقصيرنا!