سفير في السعودية اندري باكلانوف: المتطرفون والارهابيون اعداء الاسلام

IMG_8943

IMG_8943

العلامات:

0
02-02-2017
شكرا جزيلا. كان من الممكن قول اشياء كثيرة هنا ، ومع ذلك ، وبصراحة ،انني مهتم جدا بموضوع اليوم. واعتقد ، ربما أخذا بنظر الاعتبار ان الجوانب السياسية قد جعلت السيد ماجد التركي والصحفيين يبحثون ويوضحون جدا ويركزون على موضوع –السلفية : الحقائق والادعاءات.

اعتقد ان بوسعنا هنا  اليوم ان نحاول الاتفاق بصورة تطبيقية بغية ألا يكون هناك تشويش مؤسف في المفاهيم. وبغية ان نتفق فيما بيننا، ولو من ناحية المصطلحات وتحديد الاعداء الذين يجب ان نحاربهم سوية : اعداء الاسلام ، واعداء البشرية ، والمتطرفون ، والارهابيون الدوليون.

وللأسف ، لابد من القول ، ان عدم وضوح المفاهيم  وعدم تطابق المواقف أمر مميز لفترة زمنية طويلة في داخل مدرستنا للاستشراق أيضا ، ويحدث ذلك عندما يلتقي خبراؤنا ، والخبراء من البلدان العربية ، ولاسيما من المملكة العربية السعودية.

ولا زالت منتشرة على نطاق واسع في ادبياتنا بعض التسميات مثل الوهابية وغيرها ، ويقصد بها عموما ، وحسب ما يفهمها الناس ، القاعدة الايديولوجية للمتطرفين المتشددين والارهابيين.

في عام 2000 زرت الرياض وكان ذلك في يوم العطلة الاسبوعية. وقررت الذهاب الى المتحف ، وأقول بصراحة ، انني طلبت ان أرى المواد والصور الفتوتوغرافية التاريخية والنصوص المتعلقة بمفهوم " الوهابية". علما انه يرد في "يوكيبيديا" وغيرها من المصادر جميعا ما يلي : الوهابية – هي الدين الرسمي في المملكة العربية السعودية.  ولم اجد في المتحف في الرياض اية مادة معروضة وأي نص مطبوع يحمل هذه التسمية.  بينما كتب الكثير عن نشاط محمد بن عبدالوهاب كإنسان  ساعد على تأسيس المملكة العربية السعودية سوية مع الأسرة الحاكمة .

إلتقيت بعد اسبوع وزير الخارجية (السعودي). وعندما انتهى القسم الرسمي للقاء سألت وزير الخارجية:" انني زرت المتحف". فقال:" حسنا جدا ان بدأت بهذا زيارتك الى المملكة العربية السعودية، هذا يسرني جدا". ورويت له انني لم أعثر هناك على أي شئ عن الوهابية. فقال :" نحن نعلم ان هذه التسمية غالبا ما ترد في ادبياتكم ، بصفتها كلمة شتم في كل ما يتعلق بالمملكة العربية السعودية والتطرف. لكن الأمر ليس كذلك".  وطرحت له وجهة نظري.

لقد أدهشتني أكثر واوضحت لي لحد ما وجهة نظر الزملاء السعوديين مقابلة وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف الذي ينتمي الى أسرة آل الشيخ ، أي هو واحد من احفاد احفاد الشيخ عبدالوهاب. فقال لي ما يلي : " ان مصطلح " الوهابية "  ، كما نفهمه هو من ابتداع خصومنا الايديولوجيين وبالذات الاتراك في الزمان الذي وجدت بيننا خلافات سياسية وايديولوجية ودينية.  وقد ابتدع من اجل التشهير بالعمل الصالح لجدنا الأكبر الذي لم يخرج ابدا عن احكام المذاهب الاربعة في الاسلام. وتم ابتداع الوهابية  بغية اثبات الفكرة الزاعمة بأنه مؤسس مذهب جديد لا يتفق مع الاسلام التقليدي". واورد الوزير التفسير التالي : انها محاول للتشهير بتعاليم محمد بن عبدالوهاب، والتشهير بالقاعدة الايديولوجية والدينية للمملكة العربية السعودية.

إنني اوردت هذا المثال لكي أظهر مدى تجذر القوالب احيانا والذي لا يتفق مع ادراك الناس الذين  يفهمون الامور عموما أكثر من غيرهم جميعا.وهذا شئ سيئ. لكن الأسوأ  هو شئ آخر تماما. فنحن اذا سمينا الارهابيين والمتطرفين بأنهم من الوهابيين فمعنى ذلك اننا ندرجهم في المعارضة الدينية. وهذا ما يرضيهم تماما.

ولكمن لماذا نسمي المتطرفين والارهابيين  بإسم شخص كان داعية دينيا له مكانة كبيرة في الاسلام؟ واذا ما كانوا متطرفين وارهابيين فيجب الا تطلق عليهم تسمية كهذه ذات طابع ديني.  تجب مكافحتهم بصفتهم متطرفين وارهابيين. وهنا يطرح السؤال. اذا ما أخذنا الأفراد الذين يحملون السلاح الآن ويحاربون الانظمة الحاكمة والناس ويرتكبون الجرائم  ، فهل ان هذه الظاهرة تعتبر في الاساس – تفسير متطرف للاسلام؟  أم انها ظاهرة ذات اصول متطرفة نبتت على تربة اسلامية ؟

انا اعتقد ان الصواب هو ان نلتزم بالاتجاه الثاني.انها فرع متطرف، قبل كل شئ، يضاف إليه ما اعطاه القرن العشرون والقرن الواحد والعشرون – أي الارتباط بالجريمة المنظمة ، والاجهزة الخاصة لبعض البلدان.

وهذا الأمر يقلقني دائما ويثير دهشتي: لماذا توجد هذه الافكار وقيادة أفعال الارهابيين  ومراكزهم في أراضي بلدان أخرى – هي البلدان الغربية.

في اعوام السبعينيات والثمانينات سافرت الى بريطانيا للعمل في سفارتنا بلندن.  وقد تدارست بين أمور أخرى العلاقات مع البلدان الأخرى ، اي مع البلدان الاسلامية ، ونشاط المنظمات المتطرفة في بريطانيا. وعجبت لوجود مقار هذه المنظمات في اماكن مثل منطقة فكتوريا بوسط المدينة.أي هناك حيث لا تستطيع الحصول على قطعة أرض حتى الشركات الكبرى او السفارات على مدى الأعوام.  بينما هؤلاء الناس لديهم عقارات هناك.

انا اعتقد بأن أحد الاتجاهات الرئيسية لجهودنا يجب ان يكون كشف صلات الارهابيين والعناصر الاجرامية والجريمة المنظمة في مختلف المناطق ، في مناطق العالم العربي ، والعالم الاسلامي ، وخارج هذه المناطق.  واعتقد ان ما يحدث الآن  هو قبل كل شئ تفرع وصورة جديدة للتطرف والتشدد ، وليس فقط يقوم على أساس الفهم غير الصحيح للاسلام.

وفي الختام اود ان أطرح هذا السؤال في جدول الاعمال.  ماذا بوسعنا عمله لمعالجة مسألتين سوية؟ الاولى : اعطاء تحديد دقيق للمصطلحات ، بغية ان تكون سليمة، ولا تثير نفور الخبراء الذين يعرفون ماذا يكمن وراء ذلك. والمسألة الثانية هي ربما اكثر أهمية : كيف نخلع اللباس الديني من المتطرفين والارهابيين؟  انهم يرتدونه بغية ان يحصلوا على قاعدة جماهيرية بين المؤمنين ، ويمارسون خداعهم وتصوير هذه القاعدة لجرائمهم وكأنها قاعدة دينية ، بينما هي ليست كذلك.

هذا ما أردت قوله بغية ان نعمل في هذه التشكيلة ذات المكانة ، حيث يوجد خبراء من ممثلي المجتمع الروسي والسيد التركي وزميلاه المحترمان جدا ، الذين جاءوا ، والذين يعملون معنا منذ فترة طويلة جدا في شتى الاتجاهات.  وذلك بغية ان نتوصل الى تفاهم متبادل حول هذه القضية. وبغية ان نتمكن  من تيسير مكافحة التيارات الخطرة المتطرفة، ولاسيما الارهابيين الدوليين ، مكافحة ناجحة ومنسقة اكثر. وشكرا !

https://www.youtube.com/watch?v=4kqQnc7eM3A&t=49s