شامل سلطانوف: ان السلفية لا تتفق مع واقع الاحوال الموجودة فعلا

شامل سلطانوف

شامل سلطانوف

العلامات:

0
31-03-2017

شامل سلطانوف  – نائب برلمان الروسي السابق


بودي بمناسبة بحث موضوع السلفية أن أطرح عدة قضايا حادة. واعتقد ان الاصدقاء السعوديين يتفهموننا، وعلى أي حال سيتفهموني أنا.

القضية الاولى – هي مشاكل السلفية عموما بالمعنى الواسع للكلمة. اننا غالبا ما نفسرها  بصفتها تيارا دينيا خالصا في داخل الاسلام، وبكونها أقوى التيارات اطلاقا في الاسلام السني، او أعتبار ان السلفية بالدرجة الأولى هي ايديولوجية سياسية.

وجل القضية هي ان الكثير من المشاكل التي تنشأ في العلاقات بين العالم الاسلامي والغرب ناتجة عن ان الغرب يعتبر السلفية ايديولوجية سياسية بالدرجة الأولى.  اما نحن في العالم الاسلامي فنحن ننأى خصيصا عن هذا الموقف. نحن نقول انها أقوى تيار اسلامي. انها مظلة تندرج تحتها مختلف التيارات، المعتدلة وغير المعتدلة والمتطرفة وغيرها.

أعتقد، وللأسف، ان شركاءنا الغربيين على حق بقدر أكبر في الموقف بهذا الشأن.  بمعنى انه في الوضع الراهن تعتبر السلفية في الواقع، وفي الحياة السياسية الواقعية، ايديولوجية سياسية. على أي حال، انها كذلك بالنسبة للناس والمجتمع والفئات الاجتماعية والتعامل بين البلدان، لاسيما بين البلدان الاسلامية.

مادامت المسألة كذلك فان القضية الثانية التي يجب ان نطرحها ونناقشها هي مدى فعالية السلفية في الوضع الراهن، في الوضع السياسي الراهن؟ ومدى فعاليتها من وجهة نظر تحديد وبلوغ الاهداف السياسية ؟

يتعين علي القول ان السلفية من وجهة النظر هذه وكإتجاه ايديولوجي، وكايديولوجية سياسية، تؤكد أكثر وأكثر عدم فعاليتها السياسية.

وسأورد اربعة أمثلة على ذلك. ان الاستقرار السياسي في البلدان العربية  التي تعتبر السلفية فيها  بشكل مكشوف او مستتر  المكون الأساسي لأيديولوجية الدولة ترتكز على عنصرين. الاول، الموارد المالية. وثانيا ، هذا المكون الايديولوجي بحد ذاته.

وأذا ما سألنا انفسنا عن ما هو الأساس الذي يستند اليه الاستقرار في الكويت والمملكة العربية السعودية ؟ فالجواب هو الموارد المالية.

لذا فعندما يتحدث الموالون للغرب في العالم الاسلامي ، وليس وحدهم فقط، فان عددا كبيرا من المتشددين والمتطرفين يأتون الى داعش مثلا من هذه البلدان، وبالتالي نصل الى استنتاج بان المكون الايديولوجي لهذه الدول ضعيف، اي ان السلفية  لا تتفق مع واقع الاحوال الموجودة فعلا.

المثال الثاني: مصر عام 2012. تولى السلطة هناك ممثلو الاخوان، والاخوان يمثلون السلفية، انهم عنصر من تيار السلفية. في الوقت نفسه، تشكلت بمصر احزاب قوية تعبر عن الايديولوجية السلفية أيضا، منها حزب النور.

وبعد مرو عام ونصف تبين انه لا يوجد لدى هذه البنى السلفية التي تولت السلطة أي برنامج سياسي أو استراتيجية سياسية. لا، بل في الواقع ، سمي ذلك بـ " المشروع السياسي".  كما لو ان الله أظهر من مثال مصر عدم توافق السلفية مع واقع الحال في العالم.

والمثال الثالث: توجد الى جوارنا ايران، جمهورية ايران الاسلامية. ان الدين     الرسمي في ايران هو الاسلام. زد على ذلك ان المفاهيم الرسمية لجمهورية ايران الاسلامية تكمن في اعداد الشعب كله الى حياة أخرى، الى تلك الحياة.

وعليه، ان مهمة الايديولوجية  تكمن في تكافل القيادة وتوحيد الشعب وتعبئة الشعب. وتظهر العديد من البحوث والدراسات السياسية المستقلة ان فعالية الايديولجية الايرانية أعلى من فعالية السلفية.

ولا أريد ان أكرر هنا ما نراه من اثباتات تؤكد ذلك في مختلف ارجاء العالم العربي والعالم الاسلامي. والمثال الاخير، هو احتدام العلاقات بين السعودية والامارات بشأن اليمن.

ومثال اخر ايضا، هو كيف ان الامريكيين كانوا منذ فترة التسعينيات، منذ عهد بيل

كلينتون يقولون : ان السعودية هي مصدر التطرف. والسعودية هي أمر سيئ". وقد دبر خصيصا لهذا يوم 11 سبتمبر – بغية اثبات ذلك.

والآن جاء الى السلطة دونالد ترامب – رئيس الولايات المتحدة الأكثر عداءا للاسلام خلال تاريخ وجود الولايات كلها. وهنا يظهر تناقض طريف. نحن نعلم ماهي العلاقات بين الامريكيين والمملكة العربية السعودية. فهل تخاف امريكا والولايات المتحدة من السعودية ؟ كلا ، انها لا تخافها.

فمن يخاف الامريكيون في العالم الاسلامي؟  وعندما يتحدث فلين مساعد الرئيس ترامب للأمن القومي عن هذا الخطر يبدأ بالارتجاف، انه يخاف من السعودة أكثر ما يخاف من داعش.

من هنا نخلص الى استنتاجا مثير. أنني لن أتحدث الآن عن داعش وجبهة النصرة وغيرهما، ومدى ارتباطهما بالسلفية من حيث الأصول الدينية. فضلا عن ذلك، وكما تعرفون، فان بعض اتباع الايديولوجيات يعتبرون انفسهم سلفيين أكثر من شيوخ المملكة العربية السعودية والامارات وغيرها.

لكنني أود القول ان داعش أوجد ايديولوجية أكثر فعالية من السعودية على أساس سلفي. ان قدرة التعبئة لدى سلفية داعش جعلت بابا روما فرانسيسك يقول ، وأود تذكيركم بهذا بأنه " سيتعين علينا عاجلا او آجلا الاتفاق مع داعش، ومع الدولة الاسلامية ".

فما الذي يجري، وانا اؤكد على ذلك، على أساس هذا الجانب الايديولوجي؟ انتم تعلمون ما حدث قبل ثلاثة ايام، ثلاثة أيام فحسب، وأنا اعتبر ذلك أكثر أهمية من مراسم تولي ترامب لمنصبه.

فقد أعلنت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل :" نحن ندخل في عصر سياسي جديد". ليس في فترة بل في عصر جدديد ما. وهذا يعني قبل كل شئ ان الحرب في هذا العصر لن تدور بالوسائل العادية، ليس بالصدامات السياسية، بل انه الصراع الايديولوجي قبل كل شئ.

وهنا أود أن اطرح القضية الأخيرة. لقد تحدث الدكتور العساف عن الصدام. وقال ان الغرب يتهمنا بكذا وكذا. معنى هذا ان السلفية بلغت من الضعف لدرجة انها فقط تتلقى الاتهامات! أين اذن فترة المضي قدما الى الامام، الى عصر الاقتحام.

رئيس الجلسة:(أرجو ان تكرر فكرتك مرة أخرى )

لقد قال الدكتور العساف انهم يوجهون الاتهامات إلينا بإستمرار، الى السلفيين السعوديين . نحن كذا وكذا وغير ذلك.  معنى ذلك ان السلفية في المملكة العربية السعودية لا تتمتع  بالقدرة للرد على ذلك. انها لاتمتلك القدرات الهجومية.

هذا احد الاسباب، وأكرر ذلك ، الذي يجعل الامريكيين، سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين ينظرون الى المملكة العربية السعودية بصفتها الشريك الاصغر، الذي يمكن استغلاله في أي وضع.

لذا تكمن القضية فيما يلي: من وجهة نظري ان السلفية بشكلها الحالي لا تتفق مع قدرة الأمة الاسلامية على البقاء، ونحن، الأمة الاسلامية، أصبحنا بين نارين. فمن جانب يبدأ هجوم الولايات المتحدة على الاسلام، ومن جانب يشتد التطرف في العالم الاسلامي.

وبودي أن اضيف ان ظهور داعش ليس صدفة. انه يعكس الاتجاهات الموضوعية. وعندما يقولون لي في مختلف البلدان انه سيتم خلال عدة ايام القضاء على داعش وهكذا دواليك تتولد لدي الرغبة في الضحك.

لكن السؤال المحوري هو: هل توجد في العالم الاسلامي الآن عقيدة ايديولوجية، او مشروع سياسي – ايديولجي ما، يعكس العمليات العميقة الجارية في الأمة الاسلامية؟ وشكرا.