خطاب الرئيس الروسي /فلاديمير بوتين في مدينة (أوفا) الروسية

فلاديمير بوتين في مدينة (أوفا) الروسية

فلاديمير بوتين في مدينة (أوفا) الروسية

العلامات:

0
05-09-2014

أثناء لقائه مع ذعماء المسلمين في روسيا (22 أكتوبر 2013)










  • مساء الخير، رجال الدين الأعزاء، المفتين الكرام:

  • أعتقد أنه من المهم لنا أن نلتقي بشكلٍ منتظمٍ لمناقشة القضايا التي تهمُّ المسلمي في روسيا، وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى بصفةٍ عامة، وجميع المواطنين في بلادنا.

  • اليوم، وهنا في مدينة (أوفا)، نحتفل بالذكرى 225 لتأسيس الجمعية الروحية الروسية بموجب المرسوم الإمبراطوري، ففي نهاية القرن الثامن عشر، كان الإسلام معترفاً به رسمياً كواحدٍ من الديانات التقليدية لروسيا الإتحادية، حيث أصبح المسلمون الوطنيون الحقيقيون من مكونات بلدنا.

  • إن الإسلام قد أصبح عاملاً مهماً في الحياة الإجتماعية والسياسية، لأنه قدم مساهمةً لا تقدرُ بثمنٍ لتطوير الحياة الروحية والثقافية لمجتمعنا، ولذلك مرةً أخرى أهنئكمُ في هذه المناسبة التاريخية.

  • أودُّ أن أشكركم على عملكم، وقد أردتُ أن أتحدث إليكم عن الإتجاهات الحالية القائمة ضمن السياسية العالمية الحديثة، بما في ذلك فيما يتعلق بالحياة الدينية، لأنه اليوم في دول العالم، هناك العديد من العمليات النشطة من أجل تسييس الدين، وفي إتجاهات مختلفةٍ، وضمن ديانات مختلفة أيضاً، بما في ذلك الدين الإسلامي، وفي هذه الظروف، فإن السلطات الروسية والمجتمع المسلم في روسيا يواجهون مشاكل وتحديات جديدة، وبطبيعة الحال، نحن سنعملُ معكم كما قلتُ مراتٍ عديدة، أن هذه المشاكل يجب أن تُحل بشكلٍ مشترك فيما بيننا.


فإن السلطات الروسية والمجتمع المسلم في روسيا يواجهون مشاكل وتحديات جديدة، و بطبيعة الحال، نحن سنعملُ معكم كما قلتُ مراتٍ عديدة، أن هذه المشاكل يجب أن تُحل بشكلٍ مشترك فيما بيننا.

  • إن بعض القوى السياسية بدأت بإستخدام الإسلام، أو بالأحرى بدأت بإستخدام الحركات الراديكالية، وبالمناسبة، فإن هذه الحركات الراديكالية ليست نموذجاً تاريخياً للمسلمين الروس، لأن هذه الحركات تريد أن تضعف دولتنا، كما أنها تعمل على خلق مناطق داخل الأراضي الروسية، من أجل تغذية بعض الصراعات المدارة من الخارج، مما يولد عمليةً من الإنقسام بين الجماعات العرقية المختلفة داخل المجتمع المسلم نفسه، لتأجيج المشاعر الإنفصالية في مختلف الأقاليم.

  • وأنا مقتنع للغاية بأن هذه المحاولات يجب التصدي لها من قبل مختلف طوائف المسلمين الروس التي كانت دائماً وفيةً لتقاليدها التاريخية، وكما كانت مخلصةً في شراكاتها مع الديانات الأخرى، وخاصة مع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية.

  • نعم، ومن أجل الإسلام، أريد أن أقول لكم بصراحة، بأن الإسلام فضلاً عن غيره من الأديان الأخرى في العالم، يتميز بوجود مجموعاتٍ متنوعةٍ من مختلف المدارس والحركات الإسلامية، وبالتأكيد بعضها غريبٌ عن خدمة المجتمع الروسي، لأن المسلمين الروس كانوا متحدين دائماً في الدولة الروسية، وقد عملوا دائماً على حمايتها من الأعداء الخارجيين على حدٍّ سواء مع الروس، وحمايتها من جميع مظاهر التطرف، وبالتأكيد فإن هذه الوحدة يمكن الحفاظ عليها وتعزيزها اليوم.


يجب أن يُنظر إلى التنشئة الإجتماعية الجديدة في المجتمع الإسلامي باعتبارها الطريقة التي تُطوِّر  الحياة التقليدية في الإسلام، في التفكير وفي المواقف، وفقاً للواقع الإجتماعي المعاصر

  • يجب أن يُنظر إلى التنشئة الإجتماعية الجديدة في المجتمع الإسلامي باعتبارها الطريقة التي تُطوِّر الحياة التقليدية في الإسلام، في التفكير وفي المواقف، وفقاً للواقع الإجتماعي المعاصر، لأن عملية التعارض الفكري الأيديولوجي في الإسلام بين المؤمنين والمتطرفين قد مرَّت بإصطدامٍ جذريٍّ داخلها منذ العصور الوسطى، ولذلك يجب أن يكون  هناك أشكالاً هامةً وجديدة للعمل في المراكز الثقافية الإسلامية، ومراكز العلوم، ومراكز التربية الإسلامية، وضمن نوادي الشباب والنوادي النسائية.

  • أنا مقتنعٌ أنه قد يكون هناك مساهمةٌ كبيرةٌ وخاصة من جانبكم ضمن عمليات التكيف الإجتماعي للأشخاص الذين يأتون للعيش والعمل في روسيا الإتحادية، لأن الكثير منهم هم من أتباع دينكم، لذلك فهم بحاجة إلى سماع صوتكم، كما يجب عليهم أن يشعروا بمشاركتكم، وإلا فإنهم سصبحون هدفاً لمختلف هياكل الدعاية الأصولية المتطرفة.

  • وأعتقد أيضاً أن كلمة القادة من المسلمين الروس، يجب أن تسمع بصوتٍ أعلى في الساحة الدولية بشكلٍ عام، وفي المجتمع الإسلامي العالمي بشكلٍ خاص، وبالذات في هذا الوقت الذي تتنامى فيه التوترات وتتضخم بين دول الغرب ودول العالم الإسلامي، وتعرفون جيداً أن بعض الناس، وفيما يتعلق بهذه التوترات بالذات، يحاولون صبَّ الزيت على النار، وهنا أريد أن أقول لك على الفور، أننا في روسيا الإتحادية "لسنا مهتمين".

  • ولكن في نفس الوقت، واليوم بالذات في منطقة الشرق الأوسط ودول العالم الإسلامي يتنامى الطلب على الوجود الروسي هناك،ولذلك فنحن بحاجة لأن نكون أكثر نشاطاً، إذ يجب أن نقوم بفضح المشاريع الكارثية ضدَّ الإنسانية التي تخطط للتلاعب بمختلف البلدان والشعوب، عن طريق تصحيح المعلومات، وعبر عمليات التوعية العامة.

  • إن روسيا ليست مهتمة فقط بعدم الإنقسام في العالم الإسلامي أو إعادة رسمه، بل على العكس من ذلك، بل إنها حافظت وما زالت تحافظ على خطةٍ صلبة متَّسقة لتعزيز وحدة العالم الإسلامي.

  • ومن أجل مواجهة تحديات عصرنا الحالي بنجاحٍ، بات من الضروري للغاية، أولاً وقبل كلِّ شيءٍ، أن نقوم في روسيا الإتحادية بتوفير سلطةٍ أعلى لرجال الدين المسلمين المحليين، وللمدرسة اللاهوتية الإسلامية الروسية.


ولذلك يجب أن يكون  هناك أشكالاً هامةً وجديدة للعمل في المراكز الثقافية الإسلامية، ومراكز العلوم، ومراكز التربية الإسلامية، وضمن نوادي الشباب والنوادي النسائية.

  • وحول هذا الموضوع بالذات أيها الأصدقاء الأعزاء – أود أن أتحدث عن الأمر بشكلٍ منفصل.

  • اليوم في روسيا الإتحادية هناك 82 منظمة دينية مركزية إسلامية مسجلة ضمن الإتحاد الروسي، والمسلمون الروس كغيرهم يدركون جيداً أنه في القرآن الكريم هناك سورة توافق القول:

  • (لا نبي آخر على وجه الأرض، بعد محمد)، ولكن نحن في نفس الوقت، يجب أن لا ننسى أن رجال الدين أنفسهم، هم في المقام الأول أشخاص يملكون قدراتٍ وسلطاتٍ أخلاقية، ولديهم مراكز معنوية يجب إستخدامها في أغراضٍ أكثر فائدة، لذلك يجب على رجال الدين الروس أن يكونوا مثقفين للغاية، من أجل أن يكونوا قادرين على إعطاء تلك التحديات والتهديدات الحديثة التي تضرب بلادنا، تقييمات قانونية واضحة ودقيقة للغاية، لا تشوبها شائبة.

  • يجب أن يأخذ رجال الدين المبادرة من جانبهم، ويجب أن لا يجعلوها تفلت من أيديهم إلى أيدي قادة الرأي من الذين يلعبون بنشاط دوراً بين بعض المؤمنين، لأن هؤلاء الأفراد هم غريبون عن المدارس الدينية لبلادنا، لأنهم من أنصار الأفكار المتطرفة، التي تسعى إلى تقويض موقف الإسلام التقليدي في روسيا، كما أنهم يسعون لتقويض وحدة المجتمع الروسي، وفي نهاية المطاف يسعون إلى تدمير وإنهيار بلدنا.

  • إن الإسلام في روسيا لديه كلِّ الميزات والإمكانيات، التي تجمَّعت لديه استناداً إلى قرون من الخبرة في التعامل مع النظم الداخلية والإجتماعية، وخبرة التعليم الديني والتراث الإسلامي الغني، الذي يجب أن يكون لها كلمته ضمن عملية التنمية، وبالتالي فإن واحدةً من أهم المهام الملقاة على عاتقه حالياً، هي إعادة بناءِ مدرسته الدينية الإسلامية الخاصة به، مما يضمن له سيادةً ضمن الفضاء الروحي الروسي، والأهم من ذلك، أن هذه المدرسة سيتمُّ الإعتراف بها من قبل جمهور العلماء المسلمين سواءً في روسيا الإتحادية، أو في غيرها من دول العالم، كما أن المدرسة يجب أن تستجيب لأكثر الأحداث الفكرية والدينية في روسيا وفي العالم بشكلٍ عام، كما سيتوجب عليها أن تعطي تقييمها الخاص، هذا التقييم الذي سيكون مفهوماً ومحترماً لدى المؤمنين، وأنا شخصياً واثقٌ أنه إذا استطعنا أن نفعل شيئاً كهذا، فإن هذا الأمر سيساعدنا على إعطاء تقييمٍ أخلاقيٍّ واضحٍ وجيد، لمكافحة الأعمال الإجرامية، كلُّ هذا سيسمح بحلِّ المشاكل المرتبطة بعمليات الترجمة، كتلك المتعلقة بالمنشورات الدينية الإسلامية إلى اللغة الروسية لبعض المؤلفين الأجانب، كما أن هذا الأمر سيوفر الفرصة لترجمة النصوص الإسلامية العلمية والعقائدية الرئيسية إلى المسلمين الروس.


ومن أجل مواجهة تحديات عصرنا الحالي بنجاحٍ، بات من الضروري للغاية، أولاً وقبل كلِّ شيءٍ، أن نقوم في روسيا الإتحادية بتوفير سلطةٍ أعلى لرجال الدين المسلمين المحليين، وللمدرسة اللاهوتية الإسلامية الروسية.

  • كما أنه من الضروري أيضاً إنشاء معاهد دينية وقانونية لتقديم التقييمات المختصة لهذا النص الديني أو لغيره من النصوص الدينية الإسلامية أو حتى غيرها من النصوص الدينية، كما يجب أن تكون هذه الهياكل الدينية والقانونية مفتوحةً لإستقبال القادة الإسلاميين الروحيين، وإستقبال الخبراء في مسائل القانون واللغة، وأعتقد أنه من المؤكد أن تجتذب هذه المهمة كافة الخبراء في العالم ضمن هذا المجال بالذات، وبالتالي فإن المجتمع الإسلامي الروسي، وبهذه الطريقة سيتمكن بل سيكون قادراً في حدِّ ذاته على منع انتشار تلك المطبوعات الدينية المدمرة، التي تتميز بطبيعةٍ أصوليةٍ متطرفة.

  • اليوم، وكما تعلمون أيضاً فيما يتعلق بموضوع النصوص الدينية بالذات، أنه قد تضطر الدولة لتطبيق التدابير التي تقييد كلَّ ما يتعلق بهذه الكتابات الدينية، وهذا في الواقع ليس فعالاً بشكلٍ دائمٍ، وغالباً ما تكون النتيجة عكسية تماماً، لأن أي عملٍ سيءٍ من قبل الدولة قد يكون له تأثير عكسي، والمقصود هنا أننا نحتاج إلى إقناع الناس، وأن أشرح لهم بدقة، ما هو الشيء الصحيح الذي يجلب المحبة، وأن نوضح لهم ما هو الباطل الذي يجلب الكرهية.

  • وأعتقد أيضا أن الأولوية التي يجب أن تسود ضمن الأنشطة العامة داخل المنظمات الإسلامية نفسها هي أن لا تكون المناقشات الداخلية فيها مقتصرةً على صراع القمة في العالم الإسلامي، وهذا يحدث حقيقةً، لأنه لا يزال من المهم أمامهم تطوير صورة إيجابية عن صورة الإسلام التقليدي، باعتبار الدين الإسلامي عنصراً روحياً مهماً من الهوية الوطنية الروسية والمجتمع الروسي.

  • ولذلك فإنه من الأهمية لنا في مكانٍ ما تنوير الشباب المسلم، وهو أمر مهمٌ للغاية بالنسبة للمسلمين في هذا البلد، وبالنسبة لروسيا الإتحادية ككل، والأهمية الكبرى يجب أن نوليها للشباب المسلم الروسي، الذي وللأسف، أصبح مستهدفاً من قبل هؤلاء الذين يرغبون أن يحطوا ويقللوا من شأننا.

  • إن المنظمات الدينية الروسية المسلمة، لديها اليوم كل الإمكانيات من أجل أن تحدد موقعاً واسعاً لها داخل وسائل الإعلام الروسية والعالمية المعاصرة، ولذلك أيها الأصدقاء الأعزاء، أطلب منكم أن تستخدموا هذه الفرصة المتاحة من أجل حلِّ العديد من المشاكل التي كانت قد طرحت بيني وبينكم بمسمياتها الدقيقة، من تلك المشاكل التي تعرفونها جيداً، والتي قمنا بإثاراتها معكم مراراً وتكراراً، كما قمنا بنقاشها ضمن هذه الإجتماعات أو غيرها من الإجتماعات.