كلمة رئيس جمهورية الشيشان في مؤتمر مكة

العلامات:

0
27-05-2019
أخوتي وأخواتي في الله, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, في البداية أود أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى خادم الحرمين الشريفين, الملك سلمان بن عبد العزيز, وإلى أخي العزيز ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان –حفظهما الله- على الرعاية الكريمة لهذا المؤتمر, وعلى جهودهم الكبيرة في خدمة الإسلام والمسلمين, والشكر موصول أيضا لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين, أمير منطقة مكة المكرمة, كما أتوجه بالشكر إلى رابطة العالم الإسلامي, وعلى رأسها معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى, هذا الرجل الذي يبذل مجهودات كبيرة, والذي زارنا في روسيا وفي الشيشان خاصة, وكان لزيارته, وللمؤتمر الذي عقدناهُ معا نتائج إيجابية عديدة. إخوتي الكرام, إن المملكة العربية السعودية تحت قيادة الملك سلمان بن عبد العزيز تعمل على توحيد المسلمين, ولم شملهم, كما ترفع راية محاربة التطرف والإرهاب, وتعمل جاهدة لنشر القيم الإسلامية الصحيحة, وقد كانت المملكة, وما زالت, وستبقى إن شاء الله حاضنة المسلمين وقبلتهم, ولذا فإنني من هنا أدعو المسلمين في العالم إلى الوقوف صفا واحداً مع المملكة العربية السعودية, وإلى الخصومات والنزاعات وأسباب التفرق والتباغض, إننا اليوم بحاجة لأن نتعاون معا يداً بيد, وبشكل لا مثيل له في التاريخ, فالله تعالى يدعونا إلى الاتحاد في قرآنه الكريم حيث يقول تبارك وتعالى : "واعتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جميعًا وِلَا تَفَرَّقُوا" ومن ناحية أخرى يجب على كل من يهاجم المملكة أن يعرف بأنها لن تكون وحيدة أبدا, بل ستكون معها مليارات المسلمين الصادقين, ونحن أولهم. لقد حصلت في جمهوريتنا الشيشان حروب طاحنة دمرت وأهلكت كل شيء أتت عليه إلى أن وقف والدي العزيز الشيخ أحمد قديروف –رحمه الله وتقبله في الشهداء- في وجه المتطرفين والتكفيريين والإرهابيين, الذين جاؤوا إلينا من واحد وخمسين دولة, وارتكبوا أبشع الجرائم, باسم الإسلام, لقد وقف الشيخ أحمد قديروف في وجه هؤلاء الإرهابيين في زمانه بكل شجاعة, حاملاً قيم الإسلام في الرحمة والوسطية والتعايش والاعتدال, فنقل الشيشان من الجحيم إلى النعيم, ومن التخلف إلى التطور والازدهار, ونحن الآن نكمل السير على منهجه السديد الذي أوصلنا إلى العيش الأمن الرغيد, وأبشركم, بأن إخوانكم في الشيشان يتطورن ويتقدمون كل يوم, وفي كل المجالات, والحمد لله, وأدعوكم من هذا المنبر لزيارة جمهوريتنا لتشاهدوا ذلك بأم أعينكم. إخوتي الكرام إن الإرهاب لا دين له, وأننا نرفض بشدة كل الاتهامات الموجهة إلى الإسلام بالإرهاب, ونرفض كذلك الاتهامات الموجهة إلى الأديان الأخرى بالإرهاب, وإنني أدعوكم إلى مكافحة ومحاربة الإرهاب هذا الداء الخطير بشتى الوسائل, ولو حربا حقيقة لأن الإرهابيين المجرمين المتعطشين إلى الدماء لا تنفع معهم إلا ميادين الحروب وساحاتها, ونحن بإذن الله تعالى لها وأهلها. إن عدد المسلمين في روسيا قد وصل إلى ثلاثين مليوناً تقريباً, ونحن كمسلمين في روسيا نعيش بكل حرية دينية, وأمن وأمان, ومساواة مع جميع القوميات والأديان, متمتعين بكافة حقوقنا, ليس في الشيشان فقط, بل في جميع أنحاء روسيا, وهذا يعود إلى السياسة الحكيمة للسيد فلاديمير بوتين رئيس روسيا, الذي يعتبر روسيا جزءا من العالم الإسلامي. إن تقدير قيمة التغييرات التي حصلت في الشيشان وفي روسيا عموماً, يتطلب من المرء أن يعرف الصعوبات الكبيرة التي مر بها المسلمون في هذا البلد, فخلال سنوات الحكم السوفيتي لم يكن هناك مسجد واحد في الشيشان, حيث تم تدميرها بأمر من ستالين, وكان من المستحيل الصلاة علانية, ومن فعل ذلك كان يطرد من المعهد ومن عمله أيضا, ومن كان يدرس القرآن الكريم أو يدرسه كان يرمى في السجن لفترات طويلة, أو يرسل للعقوبة في سيبيريا, لقد عاني جميع أجدادي من هذه القسوة لكنهم لم ينحنوا ولم يضعفوا, بل خاطروا بحياتهم لأجل الله تعالى, فدرسوا الإسلام, وعلموا الأطفال قراءة القرآن, فقد قام والدي أحمد حجي قديروف بتعلم القرآن منذ أن كان عمره خمس سنوات سرا حتى لا تعرف السلطة, ووالد جدي عبد الحميد في المدرسة التي كان يدرس فيها جد جدي عبد القادر, ووالد عبد القادر هو إلياس كان في المنفى الملكي مع أستاذه المرشد الشيخ الجليل كونتا حجي كيشييف, وقد مات هناك ودفنه الشيخ كونتا حجي بيديه ولقد كان والده أرسنغير شخصية دينية مشهورة كرس حياته لنشر الإسلام, وكان لأجدادي شوخل وددي نفس المجهود, وقد عانى كل واحد منهم من الحكم الملكي والسوفيتي الشيوعي القاسي, واليوم يحفظ أولادي القرآن الكريم في سن مبكرة, ويتعلمون اللغة العربية, وهذه الإمكانيات موجودة في كل بيت, لكن قبل فترة ليست ببعيدة لم يكن لدينا حافظ واحد للقرآن الكريم, أما الآن فقد أصبح لدينا حوالي ألف شخص ممن يحفظون كتاب الله, واستطعنا في وقت قصير أن نبني أكبر وأجمل المساجد ومدارس تحفيظ القرآن في أوروبا, أيها الإخوة الأعزاء أريد أن أبشركم وأسعدكم أنه يوجد في الشيشان 1110 ألف ومائة وعشرة مساجد, وجامعتان إسلاميتان, وسبع مدراس لتحفيظ القرآن معترف بها كأفضل المدارس في العالم, و 149 مائة وتسع وأربعون مدرسة إسلامية. وفي الختام أدعو الله تعالى أن يحفظ المملكة العربية السعودية وبلادنا من كل سوء, وأسأله تعالى أن يكلل هذا المؤتمر المبارك بالتوفيق والنجاح. -25 رمضان 1440هـ الموافق 27 – 30 أيار / مايو 2019م