من “سلام” مزعوم إلى فرض استسلام على غزة والمنطقة
1. خلفية: أصل الخطة وضغط واشنطن
الخطة التي تم الإعلان عنها في المؤتمر الصحفي المشترك بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ليست خطة أمريكية بقدر ما هي خطة إسرائيلية مكتوبة في تل أبيب، تحديداً من قبل مستشار نتنياهو رون ديرمر.
ترامب تبنّاها وقدمها بغطاء أمريكي دولي، محاولاً إظهار نفسه كصانع سلام. لكن جوهرها هو فرض استسلام مذلّ على الفلسطينيين والعرب.
الاجتماع جاء بعد تحضيرات مسبقة، ومؤتمر صحفي متأخر ثلاث ساعات ونصف عن موعده، في خطوة متعمدة لتقديم الخطة بما يرضي نتنياهو وحلفاءه المتطرفين.
كما أُجبر نتنياهو، تحت ضغط ترامب، على الاعتذار لقطر عن استهداف قيادات من حماس، وهو أمر غير مسبوق، قبل أن تقبل الدوحة استئناف دورها كوسيط.
2. المؤتمر الصحفي: رسائل ودلالات
• جاريد كوشنر، رغم عدم وجود أي منصب رسمي، حضر المؤتمر، في إشارة إلى طبيعة الخطة كـ“مؤامرة” عائلية–سياسية.
• ترامب وصف اليوم بـ”أعظم يوم في تاريخ الحضارة”، مدّعياً أن الخطة ستنهي صراعاً عمره 2000 عام، وهو تضليل تاريخي ونرجسية شخصية.
• شكر دولاً عربية وإسلامية مثل الإمارات، السعودية، قطر، وإندونيسيا، ما كشف عن تورط أو توريط لهذه الدول في التمهيد للخطة.
3. ليست اتفاقية بل خطة استسلام
هذه ليست مفاوضات بين طرفين، بل خطة أحادية الجانب، صيغت في إسرائيل وجرى تسويقها على أنها “خطة ترامب للسلام”.
لا الفلسطينيون ولا أي طرف عربي حقيقي شارك في صياغتها، بل تم عرضها بصيغ مختلفة على بعض الزعماء العرب والمسلمين على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.
4. أهداف الخطة
• تحقيق ما فشلت الحرب الإسرائيلية في إنجازه: استعادة الأسرى، نزع سلاح المقاومة، وإنهاء حق تقرير المصير.
• إنهاء الدور السياسي والعسكري لحماس.
• فرض الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة من إندونيسيا إلى المغرب.
• توسيع اتفاقيات أبراهام لتشمل السعودية، قطر، إندونيسيا، باكستان وغيرها.
• إنقاذ نتنياهو من ورطته السياسية والقضائية.
5. مطالب الخطة الإسرائيلية
• إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين (أحياء وأموات) خلال 72 ساعة.
• نزع سلاح غزة وتفكيك أنفاقها وبنيتها التحتية العسكرية.
• إنشاء سلطة انتقالية في غزة تسمى “مجلس السلام” بإشراف دولي–عربي، بقيادة شخصيات مثيرة للجدل مثل توني بلير.
• تدريب شرطة محلية تحت إشراف عربي ودولي.
6. ما المقابل للفلسطينيين؟
لا يوجد مقابل حقيقي:
• لا وقف دائم للحرب.
• لا جدول زمني للانسحاب الإسرائيلي.
• لا رفع للحصار.
• لا تعويضات عن الدمار.
• لا ذكر لمسار دولة فلسطينية.
ترامب نفسه قال إنه “يأمل” ألا يكون هناك إطلاق نار أثناء التنفيذ، ما يعني أن الحرب ستستمر حتى تحقيق الأهداف الإسرائيلية.
7. التطبيع والتآمر الإقليمي
• الخطة تهدف لتوسيع التطبيع ليشمل إندونيسيا (أكبر دولة إسلامية سكانياً) وباكستان (قوة نووية).
• قطر قد تُدفع باتجاه تطبيع “ثلاثي” عبر آلية أمريكية–إسرائيلية–قطرية.
• الإمارات لعبت دوراً مركزياً في الإعداد، حيث أشاد ترامب بمحمد بن زايد وعبدالله بن زايد كشركاء رئيسيين.
• هذا التورط يوضح أن الخطة ليست موجهة فقط لغزة، بل لإعادة تشكيل الخريطة السياسية للعالم الإسلامي.
8. ردود الفعل والتناقضات
• ترامب ادعى أن إسرائيل انتصرت عسكرياً، رغم أنها لم تحقق أهدافها.
• نتنياهو جدد رفضه لفكرة الدولة الفلسطينية، مع أنه اعترف سابقاً بأنه عمل طوال حياته لمنع قيامها.
• المراقبون رأوا في الخطة محاولة لشرعنة الإبادة الجماعية بحق غزة عبر مكاسب سياسية لنتنياهو وترامب.
9. استخفاف بالعرب والمسلمين
ترامب تفاخر بأنه تجاهل تحذيرات الزعماء العرب من نقل السفارة إلى القدس، وقال إن “العالم لم ينقلب”، دليلاً على ضعف ورداءة ردود الفعل العربية، وهو ما شجعه على طرح هذه الخطة.
10. مكاسب ترامب ونتنياهو
• ترامب: تعزيز صورته كـ“صانع سلام”، السعي وراء جائزة نوبل، وتضخيم شخصيته النرجسية.
• نتنياهو: تحقيق أهداف الحرب دون نصر عسكري، وتحويل الخطة إلى طوق نجاة شخصي يبعد عنه السجن في قضايا الفساد.
هذه ليست خطة سلام، بل خطة استسلام إسرائيلية برعاية ترامب:
• تمنح إسرائيل ونتنياهو ما فشلوا في تحقيقه بالقوة العسكرية.
• تترك الفلسطينيين بلا مقابل: لا دولة، لا تعويضات، لا رفع حصار.
• تفتح الباب لتطبيع أوسع مع دول عربية وإسلامية كبرى.
• تكشف عن تواطؤ عربي–إسلامي في فرض استسلام على غزة، على غرار “اتفاق فرساي” بعد الحرب العالمية الأولى.
إنها خطة تسعى إلى شرعنة الهزيمة وتصفية المقاومة، لا إلى صناعة السلام.
علي ابو عصام
IslamNews.Ru وكالة الأنباء
تسجيل الدخول ب: