غموض المقترح الأمريكي ومخاوف فلسطينية من استمرار الحرب في غزة

Биньямин Нетаньяху и Дональд Трамп. Фото: соцсети

Биньямин Нетаньяху и Дональд Трамп. Фото: соцсети

العلامات:

0
08-09-2025

يتواصل الجدل حول الإنذار الأمريكي الأخير لوقف إطلاق النار في غزة، الذي قدّمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبينما تصفه واشنطن بأنه “فرصة تاريخية” لإنهاء الحرب، ترى المقاومة الفلسطينية أنه يفتقر إلى الضمانات الحقيقية، فيما تصر إسرائيل على شروط تُكرّس الاحتلال بدل إنهائه. وفي خلفية المشهد يبرز صراع أوسع، حيث تحاول واشنطن إعادة فرض هيمنتها على مسار التسوية، بينما تراقب موسكو وبكين بدقة هذا الملف المتشابك.

خلفية المقترح السابق

في 18 أغسطس/آب 2025، وافقت حركة حماس على مقترح لوقف إطلاق النار مطابق تقريبًا لصيغة عرضها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف. غير أن إسرائيل لم ترد على الوسيط حينها، ما أدى إلى تجميد الاتفاق. ويرى مراقبون أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عطّل المفاوضات خشية انهيار ائتلافه الحكومي إذا انسحب منه اليمين المتطرف، وهو ما يعكس عمق الأزمة السياسية الإسرائيلية التي تجعل الحرب أحيانًا وسيلة للبقاء في السلطة.

جوهر المقترح الأمريكي الجديد

يتضمن المقترح أربعة بنود رئيسية:

1. تبادل الأسرى: إطلاق حماس لجميع الأسرى الإسرائيليين لديها فورا ( يعتقد ان عددهم 48 أسيرًا بينهم 20 أحياء و28 متوفين) في اليوم الأول، مقابل إفراج إسرائيل لاحقا عن مئات الأسرى الفلسطينيين المحكومين بأحكام عالية وآلاف المعتقلين.

2. وقف العمليات العسكرية: تعليق عملية “عربات جدعون 2” في غزة.

3. مفاوضات مباشرة: بدء مسار تفاوضي برعاية ترامب لإنهاء الحرب بشكل دائم.

4. استمرار التهدئة المشروطة: وقف إطلاق النار طالما استمرت المفاوضات.

رغم أن البنود قد تبدو للبعض متوازنة على الورق، إلا أن غياب أي آلية دولية ضامنة يجعلها أقرب إلى وعود سياسية قابلة للتراجع عنها في أي لحظة.

الضمانات والمخاوف الفلسطينية

الضمانة الوحيدة المعلنة هي التزام شخصي مبهم من ترامب بوقف القتال خلال فترة المفاوضات. لكن تجربة الفلسطينيين السابقة تُظهر هشاشة مثل هذه الوعود؛ ففي اتفاق سابق، تعهدت واشنطن بوقف الحرب ستين يومًا، غير أن إسرائيل استأنفت القصف سريعًا وواصلت الحصار، ما أدى إلى تفاقم المجاعة في القطاع.

لذلك، ترى المقاومة أن المقترح قد يكون مجرد غطاء دبلوماسي لإطالة أمد العمليات العسكرية، وتحميل الفلسطينيين لاحقًا مسؤولية ما يفعله الاسرائيليون.

التباين بين واشنطن وتل أبيب

بينما يعلن ترامب أن إسرائيل قبلت مقترحه، يتمسك نتنياهو بمطالب تتناقض جذريًا مع ذلك، منها:

• نزع سلاح حماس بالكامل.

• فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة.

• رفض الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي.

• رفض قيام دولة فلسطينية مستقلة.

هذا التباين يكشف أن الغموض ليس ثغرة عرضية، بل جزء من إستراتيجية تمنح تل أبيب مساحة واسعة للمناورة، وتُبقي واشنطن في موقع “محايد” من دون ممارسة ضغط فعلي على حليفتها.

البعد الإنساني

وسط هذه التجاذبات السياسية، تتفاقم المأساة الإنسانية في غزة:

• القصف الإسرائيلي مستمر على البنية التحتية والمنازل.

• المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يتحدث عن “مخطط تهجير قسري”.

• وزارة الصحة تؤكد ارتفاع ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 387 وفاة، بينهم 138 طفلًا، أي ما يعادل سكان قرية صغيرة أُبيدت بصمت.

قراءة في المشهد الدولي

المقترح الأمريكي الحالي لا يبدو موجّهًا فقط إلى الفلسطينيين والإسرائيليين، بل إلى المجتمع الدولي أيضًا. فهو يمنح واشنطن فرصة للظهور بمظهر “صانعة السلام” في لحظة تتعرض فيها سياساتها العالمية لانتقادات متزايدة. غير أن غياب الضمانات الدولية، وإصرار إسرائيل على شروطها القصوى، يجعلان فرص نجاح المبادرة ضعيفة.

في المقابل، يراقب اللاعبون الدوليون الآخرون – من موسكو إلى أنقرة وطهران – مجريات الأحداث، مدركين أن غزة ليست مجرد قضية محلية، بل ساحة اختبار لتوازنات القوة في الشرق الأوسط بأسره.

✦ بهذا، يتضح أن المخاوف الفلسطينية ليست مجرد هواجس، بل استنتاج منطقي من واقع التجارب السابقة ومن غموض المقترح الأمريكي نفسه. فبينما تقدمه واشنطن كبادرة لإنهاء الحرب، قد يراه كثيرون مجرد فصل جديد في لعبة سياسية كبرى، يكون المدنيون في غزة وقودها الأول.

محلل سياسي علي أبو عصام

تعليقات() النسخة المطبوعة

اضف تعليق