(1) اللقاء الأول: وجه قازان
قاسم آبي — أو «قاسم باباي» كما يهمس بها محبّوه — هو «العمّ قاسم» لمن عرف دفءَ يده، و«باباي» لمن ذاق حِلم الجدّ وحنانه. و«آبي» في التتارية تعني «الأخ الأكبر»، وتُقال توقيرًا للكبير، ويوازيها في العربية «العمّ»، أمّا «باباي» فهو الجدّ الذي تُستعاد عنده الأصول. وأيًّا يكن النداء، فكلّها عناوين محبّة واحترام لرجلٍ فذٍّ في زمنٍ شحيحٍ بأمثاله؛ وهب نفسه وماله لله، ومضى عمره في دعوةٍ إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة.
تعرّفتُ إليه في أواخر الثمانينات بموسكو، ولم ألبث أن لبّيتُ دعوته إلى قازان. بلغناها فجرَ يومٍ شتائيٍّ قارس؛ الثلج يهطل كثيفًا، والريح تلسع رصيف المحطّة، لكن العمّ قاسم كان واقفًا هناك بابتسامةٍ تُطفئ صقيع الفجر. خُيِّل إليّ أن قازان أشدُّ بردًا من موسكو؛ غير أنّ الدفءَ سال في أوصالي ما إن فُتح باب البيت. أخذ بيدي إلى داره، وفتح لي قلبه قبل بيته؛ فأقمتُ عنده أيّامًا صارت عمرًا صغيرًا أسترده كلما ضاقت الدنيا، فتستقرُّ في قلبي سكينتُه.
لم أعرف قازان إلا بوجهه؛ كانت الأزقّة تُفضي بي إليه، والآثارُ تفتحُ لي مغاليقَها. أخذني في جولة إلى التراث التتري الضائع، كمن يدلّني على ماضٍ مجيد: هنا كان مسجد، وهناك كانت مدرسة، وهذا بيتُ قاضٍ رحل، وذاك منزلُ عالم قتل... رحلةٌ في شعاب الذاكرة وأودية الميراث.
أهداني ألبوم صور جمعه بنفسه لمساجد التتار قبل الثورة البلشفية؛ مساجدُ خشبيّةٌ جميلةٌ منتشرةٌ في شتى المدن. كان كنزًا يضيء تاريخًا مطويًا، ويفتح لي أبوابَ دهشةٍ ما زالت تعاودني كلما قلّبتُ تلك اللقطات. وفي بيته رأيتُ كُتب المرجاني القديمة لأوّل مرة، بورقها الأصفر وحوافّها التي لفّها الزمن، فشعرت أنّي ألمس الجذور بعينيّ.

تلك كانت أوّل زيارةٍ لي إلى قازان؛ تعرّفتُ من خلاله فيها إلى عصبةِ «الأبيلار» (جمعُ «آبي» بالتتارية): طلعت آبي، وعبدُ الحقّ آبي، ويونس آبي؛ رجالٌ عزَّ نظيرُهم، قبضوا على جمر الدعوة بثبات، وعملوا بما استطاعوا لتبقى الجذوةُ مشتعلة. تولَّوا تدريسَ الأطفال التتار أصولَ الدين وآياتِ القرآن بالأحرف العربية… غير عابئين بالضغوط، فلله دَرُّهم.
في زيارة لبيت العم يونس آبي خارج قازان.. تحلّقنا حول مدفأة الحطب، لهبها يرقص في العيون ويبعث في الأوصال دفئًا يطرد برد الشتاء. قال يونس آبي بصوته الهادئ: «لن نكسب أفئدة الناس حتى نكون قريبين منهم». ثم روى لي حكاية ما زالت كلماتها ترنّ في أذني:
جاءه فتى يافع، قائلا: "يا عمّاه، علّمني كيف أختصر محبّتي للرسول ﷺ في كلمة» فابتسم يونس آبي قائلا: "اعلم يا بني، أن للكلمات أجنحة، وللأفعال جذورًا. الكلمة تطير، أما الفعل فيرسّخها في الأرض، فإذا قلتَ: أحب، فلتكن حياتك برهانًا على صدقك.
حينها أطرق الفتى، وكأن بابًا من نور فُتح له.. وأدركتُ أنّ سرّ الكلمة ليس في حروفها، بل في أن تُعاش قبل أن تُقال؛ كما ينير لهب المدفأة المكان قبل أن ينطق بشرارته.
وطفقت أتأمل في عزيمةِ هؤلاء الأعمام: إيمانٌ ثابتٌ كالجبال، ويقينٌ يتحدّى ضغطَ الزمن؛ يمشون في بردِ الشتاء وقلوبُهم دافئةٌ بذكرِ الله، يحفظون الصلاةَ في أضيقِ الأزمنة، وهم متيّمون بمحبةِ الرسول ﷺ. حبُّهم ليس شعارًا، بل عملٌ دؤوبٌ، وخدمةٌ صامتةٌ، واحتسابٌ للأجر من غير انتظارِ شكرٍ من أحد.
وتعجّبتُ: كيفَ يبلغون ذُرى الإخلاص والإيمان، أيُّ يقينٍ هذا الذي لا تنال منه اللأواء، ولا تذيبه قبضاتُ الجمر؟ من أين لهم كل هذا الثبات؟ إنّه دينُ الفطرة؛ إذا خالطتْ بشاشتُه القلوبَ رسخت، وغدت العواصفُ عندها نسيمًا..فالحب شجرة لا تنمو بشعار، بل تسقى بالعمل الصادق، والوفاء للرسول ﷺ نهرٌ يجري قبل أن يكون نشيدًا على الشفاه.
حدّثني قاسم آبي أنّه تجرّأ مرة ورفع طلبًا للذهاب إلى الحجّ. في ذلك الوقت كان عددُ الحجاج من الاتحاد السوفييتي لا يزيد عن أصابع اليد الواحدة. كان قاسم آبي خبيرًا معدودًا في مصنعه، مُكرَّمًا ومشهودًا له، وظنّ أن إخلاصه في عمله سيُكافَأ بقبول طلبه. لكن السلطات غضبت لمجرّد الفكرة. عرضت عليه رحلةً سياحيّةً إلى الخارج وسيارة «فولغا»، فأجاب: «لا أريدُ إلا طريقَ البيت العتيق». سُدّت الدروب بينه وبين الحلم، حتى انهارت قبضةُ العصبة المتحكِّمة وتفتّحت أبوابُ السفر، فعاد الحلم ممكنًا يلمع كنجمةٍ على أفقٍ قريب.
(2) مدارس بلا لافتات: بذرة الخير
صيفًا بعد صيف، كان العمّ قاسم يفتح باب بيته الوادع للصغار — وكانت بينهم طفلة ستغدو لاحقًا رفيقةَ عمري — يستقبلهم للإقامة وتعلّم الدِّين الحنيف، في زمنٍ كانت فيه كلمةُ الدِّين تُتهجّى همسًا، وتُقام الشعائر خلف ستائرٍ من حذر.
بالتعاون مع «الأبيلار»، كانت البيوت تتحوّل إلى مخيّمٍ تربويٍّ صغير: مقاعدُ واطئة، دفاترُ مخطّطة، أقلامٌ وألوان، وأناملُ غَضّة تطرق بابَ الحروف؛ ثم آياتٌ وسُوَرٌ تُستودَع الصدور وتلينُ لها الألسن. يعلّمهم الوضوءَ والصلاة، ويضع في أيديهم آدابَ السلام، ويوقظ في قلوبهم خُلُقَ الخدمة والسخاء.
وإذا أقبل المساء سكن الضجيج، وسرت في الغرفة حكايةٌ دافئةٌ من السيرة العطرة، يتصاعد معها بخارُ الشاي التتاري، وتلتصق أطرافُ الصغار بعسل «التشاك-تشاك».
كان يرافقهم إلى بيت عبد الحقّ آبي، حيث تُعلّمهم زوجتُه نجية آبا أبجديةَ القرآن: «أ… ب… ت». وفي بيت طلعت آبي يتقاسمون مع أبنائه — رستم وزهرة — الدروسَ واللعب. هكذا صارت بيوتُ أولئك الروّاد مدارسَ بلا لافتات؛ جهدٌ ذاتيّ، وتقرُّبٌ إلى الله، وإصرارٌ على نشر الخير رغم العيون الرقيبة.
وكان العم قاسم يقول للصغار عند الوداع: «الإيمانُ يا أبنائي يبدأ من القلب؛ فإذا صَحَّ أنصتتْ له الجوارح». فكانوا يعودون من عطلتهم أرسخَ يقينًا وأحرصَ على البرّ.
ومن بين أولئك الصغار خرج من حمل لاحقًا المصاحفَ في أقسى الأمكنة. تلك البذرةُ الدافئة التي غُرست في بيت العمّ قاسم وصحبه لم تذبُل، بل نمت، وشقّت جدرانَ السجون يومًا لتعلن أن النور لا يُطفأ مهما طال الظلام.
(3) قنديلٌ في الممرّات الرمادية
في أواخر العهد السوفييتي، دبت الفوضى، وخَبَت أنوارُ قازان وتركت للشبّان ليلًا رماديًّا طويلًا؛ عصاباتٌ تنبت في العتمة، وخُطًى يافعةٌ يضيع مستقبلُها وتُساق إلى الإصلاحيّات. وهناك، في ممرّاتٍ بلا نوافذ، كان «قاسم آبي» يدخل كقنديلٍ صغير، يشعّ من حوله دفء يكفي لأن يرى كلُّ قلبٍ طريقَه. لم يحمل خطابًا ولا منشورًا؛ بل حمل نورًا يُطمئن النفوس.
في أبرد زوايا إصلاحيّات قازان، حيثُ الرماديُّ سيّدُ الجدران والوجوه، كان يدخل رجلٌ قصيرُ الخُطى عظيمُ الأثر؛ في جيبه حفنةٌ من «إيريسكا» (كراميل)، وقطعةُ سكّرٍ صغيرة، وفي قلبه ما هو أحلى: رحمةٌ تتّسع للجميع. كان يعبر الممرّات كأنّه نسيمٌ دفين؛ يمدّ يده للمذنب قبل البريء، وللغريب قبل القريب، فإذا ابتسم انسَلّت سكينةٌ من بين تجاعيد وجهه. ذلك هو قاسم آبي.
كان إذا وقف عند باب، يسبق كلامَه سؤالٌ يعرفه الجميع: «هل اتصلتَ بأمّك؟» — لازمةٌ كانت مفتاحَه الأوّل إلى القلوب. ثم يبتسم ويهمس:
— «ما اسمُك يا بُنيّ؟» وبعد حوارٍ قصيرٍ يلامس القلوب، يهمس الشاب، طاويًا خجلَه: «أتُرى يغفر لي؟» فيضع «قاسم آبي» كفَّه على كتفه ويقول:
— «إنَّ الله غفورٌ رحيم… بابُ التوبة مفتوح. فهات يدَك… لنبدأ من جديد».
كان يعلمُ أنَّ خطَّ الرجوع إلى الصراط المستقيم يبدأ من خيطٍ رقيقٍ اسمه قلب الأم؛ وأنَّ من يحرص على رضا أمٍّ تنتظر، يسهُل عليه أن يرجع إلى ربٍّ يفرح بتوبة عباده.
وكان إذا صافح كفًّا ترك فيها قطعةَ «إيريسكا» (حلوى كراميل روسيّة) تلمع كحبّة كهرمان، ويودِع في الصدر قبسًا أبقى.
بدأ دعوته هذه حين سمع ببعثاتٍ تبشيريّةٍ غربيّة تدخل السجون، تستغلّ الظروفَ الصعبة وتستدرج الأبناء. قال في سرّه: «نحنُ أولى بأولادِنا». فمضى وحيدًا يطرق أبوابَ الإصلاحيات، يدخل حصونًا مغلقةً يخاف كثيرون مجرد الاقترابَ من أسوارها. ويقول هؤلاء أبناؤنا وإن ضلّوا الطريق. وانطلق يسير في دربه الصعب يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وعلى الضفّة الأخرى، كان المسؤولون يُطيلون القول حول كيفية «إعادة الدمج في المجتمع» بلسانٍ جافٍّ بارد؛ أمّا هو فاختصر الطريق في فعلٍ واحد: أن توقِد مصباحًا داخل إنسان، وأن تعيد ابنًا إلى أمّه. وألّا تتركَه وحيدًا؛ كان يتلطّف مع الداخلين الجدد، ولا يسأل عن موادّ الاتهام، بل يطمئنّ على أوضاعهم وأهلهم، ثم يترك في اليد قطعةَ «إيريسكا»، وفي الصدر نورًا يسري.
هكذا كان: العم قاسم «آبي» ليس لقبًا، بل قلبٌ إذا ابتسم انحسر الظلام، وإذا حضر انفتحت في الجدار نافذةُ أمل.
(4) هيبة العدل ولطف الداعية
ولأنّ الإيمان لا يكتمل بغير عمل، بدأ العمّ قاسم بغرفةِ صلاةٍ ضيّقةٍ تتّسع للساجدين كما تتّسع القلوبُ للأمل، ثم علت — فوق مبنى المطافئ في تلك الإصلاحية — أوّلُ مئذنةٍ تشقّ السكون.
في كانون الأوّل، والبرد يقرص الآذان، كان يقف على السطح بين الفِتية: يشدّ الحبال، يرفع الدِّلاء، يثبت المأذنة، حتى يكون هذا الصرحُ ملاذًا للتائبين. وكانت تلك أوّلَ ابتسامةٍ كبيرةٍ في مكانٍ شحيحِ الابتسام.
لم يكن يعلّم الصلاة فحسب؛ بل كان يخطّ الأبجديّة على أوراقٍ بيضاء، ويضع القلم في أصابعٍ نسيت الحروف: «أ»، «ب»، «ت»… بدأ بتلاميذ خمسة، ثم صاروا جموعًا، وقامت بينهم جماعةٌ تحفظ وتجوِّد، ويُكرَّمون بثمرات علمهم.
ولمّا جاءته جائزةٌ تكريميّة — رحلةُ حجّ — قال بتواضع: «بدّلوها لي دعمًا للمسجد، وكُتبًا ودفاتر». ثم حين أُلزم بالسفر أخيرًا، وافق كي يقوم «بالدعاء لكلٍّ باسمه».
كان يرى نفسَه واحدًا منهم، يتأسّى بخُلُق الرسول الذي قال الله فيه: «لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عَنِتُّم، حريصٌ عليكم، بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم». لكنه كان حاسمًا في موضع الحسم؛ حين صادف ضربًا يُذِلّ الداخلين الجدد، اعترض بوقار: «هذا ليس من حقّكم. أيليق أن يُهان إنسانٌ هكذا؟ إن لم تُوقِفوا ذلك الآن سأرفع الأمرَ إلى النيابة». فتوقّف العنفُ عند عتبة كلماته؛ لا لأنّه نافذ، بل لأنّ للعدل — إذا نُطِق بطمأنينة — هيبةً لا تُقاوَم.
وكان كريمًا حين يمتحن الجوعُ الصبرَ؛ حين قلّ زادُ جماعة المُصلّى، قال ببساطةٍ تُشبه المعجزة: «أتنتظرون عيد الأضحى لتأكلوا من لحومَ الأضاحي؟» ثم جاءهم بلحمِ عِجل؛ كأنّه يذكّرهم أنّ القرآن لا يُحفَظ بلا خبزٍ يكفي.
احترق المسجدُ الأوّل، فلم يعجز؛ فوق رمادِه أقام مُصلّى جديدًا. وقبل أن يكتمل البناء، رحل العمّ قاسم إلى ربّه، فسُمّي المسجدُ باسمه؛ لا لأنّ الأسماء تُزيّن الجدران، بل لأنّ الجدرانَ من أثر يديه.
يُروى أنّه — قبل وفاته بساعات — صعد الدَّرج ببطء، ووضع يده على صدره وقال لمن حوله: «ربّي يناديني».
وقد قيل في الشافعي — على لسان ابن حنبل —: «كان كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن». وهكذا كان قاسم آبي لأبنائه من روّاد الإصلاحية السابقين؛ قال أحدهم: «كان رحمةً هبطت علينا من السماء؛ وقطعةُ «إيريسكا» من يده تُخفِّفُ شيئًا من مرارة الحياة».
(5) ميراث النور الباقي
لم يكتب العمّ قاسم سيرةً بيده؛ إنّما كتبها الذين بدّلهم حضوره. خطّوها من التفاته إلى السائل قبل أن ينطق، ومن دفءِ الكفّ حين يمسح رأسَ شابٍّ تائه، ومن حلوى صغيرةٍ تُطلق وعدًا كبيرًا بالرجوع.
واليوم، في إصلاحيّات تتارستان ومصليّاتها، ترى أثره حاضرًا: إمامًا يعرف الأسماء والهموم، ومُصلّى تنعقد فيه القلوب على الذكر والدعاء. هناك تفهم أنّ خطواتِه لا تزال تهدي الطريق — من حرفٍ ارتجف على لوح، إلى دعاءٍ ارتفع فوق الأسوار — ذلك بعضُ ميراثه الباقي.
وإذا كانت الجوائزُ تُمنَح لمن خدم الناس، فأوسعُها أن يبقى اسمُك دعاءً على ألسنةٍ لا تعرفك، وأن يصير حضورُك بعد الغياب سُنّةَ رحمةٍ تتكاثر. وإذا سُئِلنا: «مَن العمّ قاسم؟» قلنا: قنديلُ قازان وداعيةُ الرحمة الذي أضاء طريقَ التائهين.
بقلم علي ابو عصام
------------------------------------------------------------------------------
دار الأرقم السوفييتية
من موسكو إلى القلب: رحلة في عربات المعرفة والإيمان
مشاهدات في بلاد التتار – 3 المقال الأول: الأمناء على التقاليد في قلب الصقيع – تتار سيبيريا
خواطر من ومضات الذاكرة ولي الله يعقوبوف
"ميشار" نيجني نوفغورود: مآذن من رحم المعاناة
المستشرق المسلم: والي أحمد صدور وجهاد الفكر في أرض الثلوج
حديث الذكريات عن الشيخ إلياس حاجي الأقوشي
كيف حفظ "المجلس" هوية التتار من الذوبان؟
IslamNews.Ru وكالة الأنباء
تسجيل الدخول ب:
Ответить
المقالة عن العمّ قاسم آبي ليست سرد لسيرة رجل، بل هي لوحة نابضة بالحياة، تتشكل من ألوان الدعوة وثبات الدعاة في أحلك الظروف. إنها ليست أحداثًا تُروى فحسب، بل دروس متجددة في كيفية حمل النور في دروبٍ يغشاها الظلام. *البدايات: دفء الدعوة: بـ «ابتسامةٍ تُطفئ صقيع الفجر» يبدأ المشهد؛ صورة تختزل قوة الدعوة بالخلق الحسن، فالبسمة هنا ليست ملامح وجه، بل قبس إيمان يذيب برودة القلوب قبل برودة الأجواء. وهذا المعنى يتكرر حين يقول ابوعصام : «لم أعرف قازان إلا بوجهه؛ كانت الأزقّة تُفضي بي إليه»، حيث يذوب المكان في حضور الداعية، فيصبح الداعية هو المعلم الأول، والمكان يتزين بوجوده. *رحلة الذاكرة والمكان : ...
Читать дальше
Ответить
سرد شيق جدا وجاذب متعك الله بالصحة والعافيه وتقبل منك